وان ما لا نص فيه على التعيين يجب حمله على ما يقتضيه الأصل المفيد لليقين ، والأصل هاهنا يقتضي عدم استحباب رفعهما حال القنوت ، سواء فيه كل المصلين لانه تكليف والأصل عدمه ، مع ما يتراءى من كونه بدعة وتشريعاً في الدين لعدم ورود نص صحيح يعتمد به فيه على اليقين.
قال : وأيضاً فلخصومنا أن يشنعوا علينا ويقولوا : انكم أحدثتم في دينكم ما ليس بمروي عن أئمتكم ، فإنكم ترفعون أيديكم بالقنوت في صلواتكم الخمس وهو ليس بمنقول عنهم بحديث تعتمدون عليه ، أو بأصل آخر ترجعون اليه. وهذا مما يقدح في صحة دينكم ، بل يدل على أنكم تفعلون ما تشتهون.
وذكر أن الأمر إذا كان كذلك ، فالاشتغال بتأليف رسالة محتوية على الدليل الدال على ذلك المدعى لا يخلو من فائدة دينية ، مع ما فيه من التقرب والزلفى.
ثم اني لما أمعنت النظر وجدته صادقاً في دعواه ، مصيباً فيما اجتهد فيه وأنشأه ، لخلو الكتب الاخبارية والزبر الاستدلالية على ما تصفحناه من حديث صحيح صريح في ذلك المطلب بخصوص ، بل لم نقف فيه على رواية تدل بمنطوقها عليه بعمومه.
فأجبناه الى مسئوله ، وأسعفناه الى مأموله ، لوجوب قضاء حاجة المؤمن مهما أمكن ، ولا سيما إذا كان موصوفاً بالصداقة والخلة ، ومنعوتاً بالمحبة والمودة ولذلك سمّيتها بـ « تذكرة الوداد » راجياً من الله أن ينفعنا بها في يوم المعاد.
فأقول ، وأنا العبد الراجي إلى رحمة ربه الجليل محمد بن الحسين بن محمد رضا بن علاء الدين محمد الشهير بإسماعيل : القنوت دعاء وكل دعاء يستحب فيه رفع اليدين.
أما الأولى ، فلما ذكر ابن الأثير في النهاية من قوله : فيه « تفكر ساعة خير من قنوت ليلة » وقد تكرر ذكر القنوت في الحديث ، ويرد بمعان متعددة ،