أن يأتي بعمرتين بينهما أقل من عشرة ، وقيل : يحرم ، والأول أشبه » : قد اختلفت الاخبار وأقوال الأصحاب في أقل ما يجب أن يكون بين العمرتين ، فقيل : لا تكون في السنة إلا عمرة واحدة. وقيل : في الشهر ، وبه أصح (١) الروايات. وقيل : أقله عشرة أيام.
ولم يجعل المرتضى بين العمرتين حداً ، واختاره المصنف وجماعة ، وهو أقوى ، والاخبار منزلة على مراتب الاستحباب لئلا تتنافى ، فالأفضل الفصل بينهما بعشرة أيام ، وأكمل منه شهر ، وأكثر ما ينبغي أن يكون بينهما سنة ، والا ففيه نظر لان ما ذكره من حديث التنزيل لا يدل على أقوائية ما اختاره المصنف وجماعة من جواز التوالي وعدم حد بين العمرتين.
بل نقول : إثبات مشروعية أصل التوالي يتوقف على ورود الأمر بذلك خصوصاً أو عموماً لما مر من توقيفية العبادات الشرعية ، فكيف إثبات أقوائيته؟ فما لم يتمسك بما ذكرناه من عموم مضمون حديث سيد الأبرار وإطلاق الأمر بالاعتمار لا يثبت هذا المطلب.
والظاهر أنه أراد ـ كما أومأنا اليه ـ أن مختار المصنف أقوى دليلا ، الا أنه لم يذكر دليله ، بل بادر الى تنزيل الاخبار لكونه أهم عنده. وفيه ما عرفته ، لانه مبني على أن الفصل بين العمرتين بسنة أفضل من الفصل بينهما بشهر ، والفصل به أفضل من الفصل بعشرة أيام ، وليس الأمر كذلك ، بل الوجه في تخصيص الشهر تأكد استحباب إيقاع العمرة في كل شهر ، وهذا لا يستلزم مفضولية إيقاعها في أقل منه كما عرفته.
وبالجملة فرق بين حمل روايات الشهر على تأكد الاستحباب ، وبين حملها على مراتب الاستحباب ، إذ الأول لا يستلزم مفضولية إيقاع العمرة في أقل من
__________________
(١) كون رواياته أصح من روايات السنة والتوالي ممنوع « منه ».