رفعهما بالتكبير للقنوت لا يستلزم استحبابه وقت قراءة القنوت الذي كلامنا فيه ، كما لا يخفى على الناقد البصير.
ثم ان الشيخ رحمهالله بعد نقل تلك الأخبار التي أسلفناها قال : ينبغي أن يكون العمل عليها وبها كان يفتي شيخنا المفيد قديماً ثم عن له في آخر عمره ترك العمل بها والعمل على رفع اليدين بغير تكبير. والقول الأول أولى لوجود الروايات بها ، وما عداه لست أرى به حديثاً أصلا.
وليس لأحد أن يتأول هذه الاخبار بأن يقول : ما زاد على التسعين تكبيرة أحمله على أنه إذا نهض من التشهد الأول إلى الثالثة يقوم بتكبيرة لأمور :
أحدها أنه انما تتأول الاخبار وتترك ظواهرها إذا تعارضت وكان ينافي بعضها بعضاً ، وليس هاهنا ما ينافي هذه الروايات ، فلا يجوز العدول عن ظواهرها بضرب من التأويل.
وثانيها : أنّه ليس كل الصلوات فيها نهوض من الثانية إلى الثالثة ، وانما هو موجود في أربع صلوات ، فلو كان المراد ذلك لكان يقول أربع وتسعون تكبيرة.
وثالثها : أن الحديث المفصل تضمن ذكر احدى عشر تكبيرة في صلاة الغداة وتكبيرة بعد ذلك للقنوت مضافاً إليها ، فلو كان الأمر على ما يأول عليه لكان التكبير فيها إحدى عشرة تكبيرة فقط.
ورابعها : أنه قد وردت روايات منفردة بأنه ينبغي أن يقوم الإنسان من التشهد الأول إلى الثالثة ويقول : بحول الله وقوته أقوم وأقعد. ولم يذكر التكبير ، فلو كان يجب القيام بالتكبير لكان يقول : ثم يكبر ويقوم إلى الثالثة ، كما أنهم لما ذكروا الركوع والسجود قالوا : ثم يكبر ويركع ويكبر ويسجد ويرفع رأسه من السجود ويكبر ، فلو كان هاهنا تكبيراً كان يقول مثل ذلك.