غير أن يتحد مع الاخر مرجعاً ومآلا ، وان ما نحن فيه مما فيه نفع ولم يقم على تحريمه بعد دليل فهو على اباحته الاصلية ، لان العمومات التي ادعى دلالتها على ما ادعاه مما لا أصل له.
فان أحاديث المنزلة لا تجري في أولاد أب المرتضع الا بطريق القياس ، والحديث المستفيض لا دلالة له عليه الا بعد أن يثبت عمومه ، ودون ثبوته خرط القتاد ، على أن هذا العموم على تقدير كونه مفاداً من الخبر انما يمكن التعلق به اذا لم يكن هناك صارف عنه. وهذا الخبر الموثق الذي نقلناه صارف عنه ، لانه يدل صريحاً على أن حكم الاخوين رضاعاً ، كحكم الاخوين أباً واماً.
وأما في التحريم الكلي والانتشار ، فينبغي أن يكون العمل عليه لانه خاص صريح في أن هذا العموم الذي ادعاه غير منظور من الخبر ، فاذا بطل عمومه من هذا الوجه بطل ما بنى عليه من ايجاب التحريم الكلي وما فرع عليه من الاحكام.
واذا ثبت أن هذا العموم غير مقصود منه ، يثبت منه ومن دليل حجيته الاباحة الاصلية ، وهو أن تكليف الحكيم بالاجتناب وعدم البيان عند الحاجة ما لا يجوز العقل نسبته اليه ، فما لم يظهر حرمة أمر بخصوصه أو باندراجه في وصف جعله الشارع علامة للحرمة ، فالظاهر فيه الحلية. حلية (١) التناكح وجوازه بين اخوة وأخوات هذا المرتضع واخوة وأخوات ذاك ، اذ لم يظهر تحريم هذا التناكح بخصوصه ولا باندراجه في وصف جعله الشارع علامة للحرمة ، لان الوصف الذي جعله هنا علامة لها انما هو تحقق الرضاع المحرم ، وقد عرفت أنه غير متحقق بينهم ، فلا وجه حينئذ لتحريم هذا التناكح ، كيف وكل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ، ولم يرد هنا لا خصوصاً ولا عموماً ، بل القول بهذا التحريم لما
__________________
(١) فاعل قوله « يثبت ».