فان كل فرد من أفراد ذلك الشيء ، أو كل بعض من أبعاضه ، على هذا الفرض يحتمل أن يكون حراماً ، ومع ذلك قد حكم الامام عليهالسلام بأنه حلال أبداً الى أن تعرف الحرام منه بعينه. ومثله قوله في رواية ابن صدقة وقد سبق : كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام.
فقوله في الرسالة لا يقال : أليس احتياطكم بالتحريم مستلزماً لجواز النظر ونحو ذلك ، وذلك ربما يكون حراماً لاحتمال صحة القول بالتحليل وان بعد ، ففي احتياطكم أيضاً احتمال ارتكاب حرام.
لانا نقول : بعد الاغماض عن كمال بعد هذا الاحتمال شرعاً كما بينا لا شك أن هذا التجويز أقل مفسدة بكثير بالنسبة الى تحليل الفروج سيما من المحارم.
محل نظر ، لانا نقول : بعد الاغماض عن كمال قرب هذا الاحتمال ووضوحه شرعاً حتى كاد أن يكون يقيناً مجزوماً به لعدم قيام دليل شرعي على خلافه مع كونه أصلا في كل شيء ، وقد ورد الحث على العمل بمقتضاه حتى يستبين خلافه لا يبعد أن يقال ان هذا التجويز أكثر مفسدة بكثير ، لان فيه مع تحريم ما أحل الله بغير دليل شرعي تحليل ما حرم الله كذلك (١) ، وليس في مقابله الا تحليل ما يحتمل التحريم احتمالاً بعيداً ، وقد سبق أن احتمال كون الشيء حراماً لا يوجب الحكم بتحريمه ولا الاحتياط فيه فتأمل هذا.
وأما الاستصحاب ، فحقيقته ـ كما صرح به بعض الاصحاب ـ ترجع الى أن الاصل بقاء الشيء على ما كأن كان نقول : أخت كل من المرتضعين قبل أن يتحقق بينهما رضاع كانت حلالا على اخوة الاخر ، والاصل بقاؤها على ما كانت عليه من الحلية حتى يعلم أنها محرمة عليهم ، فعلم أن كلا منها دليل بحياله من
__________________
(١) لان نكاحها حلال وقد حرمه والنظر الى ما يحرم النظر اليه منها حرام وقد حلله « منه ».