والخلاف الصحة.
محل نظر ، لان الاحتياط مع أنه ليس بدليل شرعي انما يكون منبغياً فيما يحتمل فيه التحريم لكونه محل شبهة ، مثل ما رواه الشيخ عن مسعدة بن زياد عن أبي جعفر عن آبائه عليهمالسلام أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : لا تجامعوا في النكاح على الشبهة وقفوا عند الشبهة ، يقول : اذا بلغك أنك قد رضعت من لبنها وأنها لك محرم وما أشبه ذلك ، فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة.
وما نحن فيه ليس من هذا القبيل لعدم احتماله التحريم فلا شبهة فيه ، اذ الخبر المستفيض لا يحتمل عموم التحريم والانتشار كما فصل سابقاً ، وقول الشيخ في كتابيه مبني على تعديته أحاديث المنزلة الواردة في أب المرتضع منه الى أولاده. وهو قياس محض لا يقول به الامامية ، فقوله هذا لا يحتمل الصحة ، وعليه فلا محل هنا للاحتياط والحمد لله.
بل لا يبعد القول بأن الاحتياط في جانب خلافه ، لما مر من أنا اذا حكمنا بتحريم شيء بغير دليل شرعي وقعنا في الاثم ، لانه بدعة وادخال في الدين ما ليس منه وهو منهي عنه.
وعلى تقدير احتمال التحريم نقول : لما ثبت بالادلة العقلية والنقلية أن الاصل في الاشياء الاباحة ، وان كل شيء حلال أبداً حتى يعلم أنه حرام بعينه ، فما لم يقم دليل على تحريم شيء يفيد العلم به ، أو الظن المتآخم له ، لا يجوز الحكم بتحريمه ، لانه بدعة ومخالف لما ثبت بالدليل ، فاحتمال كون الشيء حراماً لا يسوغ الحكم بحرمته ولا الاحتياط فيه لذلك الاحتمال ، كما هو صريح صحيح ابن سنان : كل شيء يكون منه حرام وحلال فهو لك حلال أبداً حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه (١).
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٧ / ٢٢٦ ، ح ٨.