وهذا بناء على القول بجواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد الصحيح الصريح ، فهذا القدر من التخصيص المستند الى الاجماع والاخبار الصحيحة الصريحة لازم فيها ، ويبقى الباقي تحت عمومها الى أن يخرج بالدليل وليس ، اذ ليس في الايات والروايات الواردة في باب الرضاع فيما علمناه ما يدل صريحاً على تحريم الزائد على الفحل والمرضعة وأقربائهما على المرتضع وأبيه وتحريمه عليهما وعلى أقربائهما ، والاصل والاباحة والبراءة والاستصحاب وعموم بعض الايات والروايات السالفة وغيرها تفيد الحل والاباحة فيما عداه.
فمن ادعى تحريمه المنافي لمفاد المذكورات ، فعليه اقامة دليل أو ذكر آية أو رواية تدل بصراحتها عليها ، فان غيره الصريح منها لا يصلح لمقاومة المذكورات ومقابلتها. وعلى تقدير التقابل والتساقط يلزم منه انتفاء التحريم لما مر مراراً.
وأما قوله متصلا بما نقلناه عنه : وعجبي ممن نظر الى عموم كلمة « ما » في قوله تعالى ( ما طابَ لَكُمْ ) ولم يتأمل في طاب ، فتأمل.
ففيه أنه تأمل فيه فأداه تأمله الى الحكم بأنه طيب حلال مباح ، لعدم ما يدل على حرمته بخصوصه ، أو باندراجه في وصف جعله الشارع علامة للحرمة ، فجزم بحليته كما هي الاصل في الاشياء.
هذا مع ورود كل شيء مطلق ـ أي : مباح ـ حتى يرد فيه نهي ، وكل شيء حلال حتى يعلم أنه حرام ، ولم يرد هنا نهي ، ولم يعلم حرمته بوجه شرعي يمكن أن يعتمد عليه ، أو تركن النفس اليه ، على أن كون الشيء حلالا لا حاجة فيه الى تأمل ودليل ، لأنه الاصل فيه ، وانما يحتاج الى التأمل والدليل كونه حراماً لانه على خلاف أصله ، ولا دليل هنا على حرمة أقرباء المرضعة والفحل على أولاد أب المرتضع الا عموم هذا الخبر على ظنه ، وقد عرفت ما فيه.