وقد تقرر أن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود ، وصريح قوله عليهالسلام : كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه (١). ينفيه لصراحته في أن تحصيل العلم بكونه حلالا مما لا حاجة فيه اليه ، بل يكفي فيه مجرد عدم العلم بكونه حراماً الى أن يحصل العلم بأنه حرام ، وأصرح منه قوله في صحيحة ابن سنان : كل شيء يكون منه حرام وحلال فهو لك حلال أبداً حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه (٢). وكذا ينفيه قولهم : ما لم يظهر حرمة أمر بخصوصه ، أو باندراجه في وصف جعله الشارع علامة للحرمة ، فالظاهر فيه الحلية.
فالقول بالتحريم هنا مع أنه خلاف الاصل والاباحة والبراءة والاستصحاب وظاهر عموم الايات ومفهوم بعض الروايات بمحض ليت ولعل ، كما ترى ضعيف وفي نفسه سخيف.
ثم قال متصلا بما سبق : وأما ثانياً فلانه وجه اجتهادي وخيال اعتباري في مقابل الادلة التي ذكرناه ، والمحدث الملازم لطريقة أهل البيت عليهمالسلام لا يلتفت اليه ولا يعتمد عليه ، بل الحق أن هذا هو عين القياس الباطل عند علمائنا قاطبة فان ما جعلوه مقتضى التحريم وعلة تامة في ذلك بحيث أداروا عليه دائرة التحليل والتحريم وحصروا العلة فيه محض استنباط من غير نص في خبر ولا ذكر في أثر كما هو ظاهر. وامكان الاستفادة من بعض الظواهر غير كاف سيما مع قيام المعارض وهل القياس الا مثل هذا؟
أقول : وفيه مع ما عرفته آنفاً وسالفاً في بيان خبر يونس بن يعقوب ، من أن ما قالوه في بيان تحليل اخوة المرتضع ولادة على اخوته رضاعاً ليس مجرد وجه اجتهادي وخيال اعتباري ، كما ظنه ونسبه الى عين القياس الباطل ، بل هو
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٧ / ٢٢٦ ، ح ٩.
(٢) تهذيب الاحكام ٧ / ٢٢٦ ، ح ٨.