عند من لم يعمل بها ، أو عمل ولم يقل بصلاحيتها لتخصيص الكتاب.
فظهر أن الاخبار المتقدمة ليست بمادة النقض لهذه المقدمة عند من قال بها ولم يقل بها ، وانما هي مادة النقض لها عند من لم يقل بها وقال بها ، وقد سبق أنها عنده وان لم تكن دائرة وجوداً وعدماً ، الا أنه لم يستدل بها على تحليل ما حرمه صاحب الرسالة حتى يرد عليه ذلك ، ففي الحقيقة لا نقض هنا على أحد ، كما لا يخفى على العارف بمعنى النقض.
فظهر أن ترتب ما رتبوه على العلة المذكورة ليس بضعيف ، وان الحاق نسبة هؤلاء بالنسب لا وجه له ، اذ لا رضاع هنا فلا شرب فلا شركة ، بخلاف الحاق نسبة المرتضع به ، فانه بسبب شربه من لبن المرأة وزوجها صار بمنزلة أولادهما ، فسرى الحرمة من الجانبين.
واعلم أن المذكور في كتب الفقيه أن النسب هو الاتصال بالولادة بانتهاء أحدهما الى الاخر كالاب والابن ، أو بانتهائهما الى ثالث مع صدق اسم النسب عرفاً على الوجه الشرعي ، والمصاهرة علاقة تحدث بين الزوجين وأقرباء كل منهما بسبب النكاح توجب الحرمة ، وعلى هذا فالنسب والسبب وهو المصاهرة متقابلان لا يشمل أحدهما الاخر ، وهو الظاهر من قوله تعالى ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً ) (١) أي : قسمه قسمين ذو نسب وصهر.
قال في مجمع البيان في فصل اللغة : النسب ما يرجع الى ولادة قريبة ، والصهر خلطة تشبه القرابة ، والمصاهرة في النكاح المقاربة (٢).
ونقل في بعض التفاسير عن علي عليهالسلام النسب ما لا يحل نكاحه من القرائب ، والصهر ما يحل نكاحه من القرابة وغيرها. وقيل : الصهر حرمة الختونة.
__________________
(١) سورة الفرقان : ٥٤.
(٢) مجمع البيان ٤ / ١٧٤.