وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها وخبزها وبيضها وجبنها وفيها سكين ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : يقوم ما فيها ويؤكل لانه يفسد وليس له بقاء ، فان جاء طالبها أغرموا له الثمن. قيل : يا أمير المؤمنين لا يدرى سفرة مسلم أو مجوسي ، فقال : هم في سعة حتى يعلموا (١).
أي : انها سفرة مجوسي ، فحينئذ يجب عليهم الكف عما فيها.
قال صاحب البحار قدسسره في حاشيته المعلقة عليه : انه يدل على أن الاصل التذكية فيما تشترط فيه ، وقد دلت عليه أخبار كثيرة ، والمشهور بين الاصحاب خلافه (٢).
أقول : هذا الخبر الضعيف دل على أن العلم بالتذكية والطهارة بل (٣) الحلية والاباحة في أمثال ذلك مما لا حاجة اليه ، بل يكفي فيه مجرد عدم العلم بعدم التذكية والنجاسة والحرمة حتى يعلم أنه غير مذك أو نجس أو حرام ، ويؤيده حديث : الناس في سعة ما لم يعلموا.
وأما أصالة التذكية فالاخبار فيها متعارضة ، فبعضها يدل عليها وبعضها على خلافها ، وهو صحيح كما عرفت ، فاذا تعارضت وتساقطت وجب الرجوع فيه الى ما يقال من أن الاصل في الحوادث العدم والتذكية منها ، فالاصل فيها العدم ، ولذا اشتهر فيهم مع كثرة الاخبار الدالة على أصالة التذكية خلافها.
ومنه يظهر أن الاصل والظاهر وهو ما يفيده اخبار المسلم بأنها ذكية اذا تعارضا قدم الاصل عليه ، لانه دليل وحجة بالاتفاق ، والظاهر كثيراً ما يخرج الامر بخلافه.
__________________
(١) فروع الكافي ٦ / ٢٩٧ ، ح ٢.
(٢) مرآة العقول ٢٢ / ١١٢.
(٣) هذا اعتراض على صاحب البحار فتأمل « منه ».