المجوسي وهم أخباث وهم يشربون الخمر ، ونساؤهم على تلك الحالة ، ألبسها ولا أغسلها وأصلي فيها؟ قال : نعم. قال معاوية : فقطعت قميصاً وخطته وفتلت له ازاراً ورداءً من السابري ثم بعثت بها اليه في يوم الجمعة حين ارتفاع النهار ، فكأنه عرف ما أريد فخرج فيها الى الجمعة (١).
وهذا من ابن عمار غريب ، لأنه مع جهله بأن الأصل في الأشياء هو الطهارة الى أن يعلم نجاستها ، وانه مقدم على الظاهر ، وغاية ما يظن بما يعمله المجوسي من الثياب هو ظهور نجاستها لا اليقين بها ، ولذلك لو كلف مدعي نجاستها باليمين فنكل لم يحكم لما (٢) أخبر به الصادق عليهالسلام ، وكأنه حمل قوله على التقية ، بناءً على أن العامة لا ينجسون أهل الكتاب ومن في حكمهم ، فأراد بمثل هذا الامتحان أن يحصل له الاطمئنان.
وهذا أيضاً غريب ، لأنه عليهالسلام ان كان متقياً في ذلك ، فكما كان يتقي في قوله ، فكذا كان يتقي في فعله ، فمن أين يعلم أن فعله هذا مطابق لاعتقاده وموافق للشرع والواقع.
واعلم أن الأصل يقال لكون الشيء أولى ما لم يعارضه شيء يقتضي العدول عنه ، وقد يعبر عنه بما لا يصار عنه الا بدليل ، كما في الحاشية القديمة.
وقد يقال على القاعدة والضابطة ، وعلى الكثير الراجح في نفسه السابق في الاعتبار ، كما يقال : الأصل في الكلام الحقيقة.
هذا. وأما موارد تقديم الظاهر على الأصل ، فمنها أنه إذا شك في شيء بعد تجاوز محله ، أو بعد خروج وقته ، فان الظاهر أنه فعله ، إذا الغالب من حال المؤمن فعل الشيء في محله ، والأصل عدم فعله ، فيقدم الظاهر على الأصل ، ولكن
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ / ٣٦٢ ، ح ٢٩.
(٢) كذا.