وضاح الثقة.
قال : كانت بيني وبين رجل من اليهود معاملة ، فخانني بألف درهم ، فقدمته الى الوالي ، فأحلفته فحلف وقد علمت أنه حلف يميناً فاجرة ، فوقع له بعد ذلك عندي أرباح ودراهم كثيرة ، فأردت أن أقبض الالف درهم التي كانت لي عنده وأحلف عليها.
فكتبت الى أبي الحسن عليهالسلام فأخبرته أني قد حلفته فحلف وقد وقع له عندي ، فان أمرتني أن آخذ منها الالف درهم التي حلف عليها فعلت.
فكتب عليهالسلام : لا تأخذ منه شيئاً ، ان كان ظلمك فلا تظلمه ، ولو لا أنك رضيت بيمينه فحلفته لامرتك أن تأخذ من تحت يدك ، ولكنك رضيت بيمينه ، فقد مضت اليمين بما فيها ، فلم آخذ منه شيئاً ، وانتهيت الى كتاب أبي الحسن عليهالسلام (١).
ان قلت : ضعف هذه الأخبار منجبر بالشهرة بين الأصحاب وعملهم بها.
قلت : جوابه يعلم مما أفاده الشهيد الثاني في شرح الدراية ، وهو انا نمنع من كون هذه الشهرة مؤثرة في خبر الضعيف ، فان هذا انما يتم لو كانت الشهرة متحققة قبل زمن الشيخ ، والامر ليس كذلك ، فان من قبله من العلماء كانوا بين مانع من خبر الواحد مطلقاً كالمرتضى والاكثر على ما نقله جماعة ، وبين جامع للاحاديث من غير التفات الى تصحيح ما يصح ورد ما يرد.
وكان البحث عن الفتوى مجرده بين الفريقين قليلا جداً ، كما لا يخفى على من اطلع على حالهم ، فالعمل بمضمون الخبر الضعيف قبل زمن الشيخ على وجه يجبر ضعفه ليس بمتحقق ، ولما عمل الشيخ بمضمونه في كتبه الفقهية جاء من بعده من الفقهاء واتبعه منهم عليه الاكثر تقليداً له منهم الا من شذ منهم.
ولم يكن منهم من يسبر الاحاديث وبعنت على الأدلة بنفسه ، سوى الشيخ
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٦ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠ ، ح ٩.