واستماع خطبتها ، وكأنه قال : اذا نودي للصلاة عند الزوال يوم الجمعة فصلوا الجمعة ، أو فاسعوا الى صلاة الجمعة وصلوها.
قال : وهذا واضح الدلالة لا اشكال فيه ، ولعله السر في قوله تعالى ( فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ ) ولم يقل فاسعوا اليها ، وانما علقه على الاذان حثاً على فعله لها (١) حتى ذهب بعضهم الى وجوبه لها لذلك ، وكذا القول في تعليق الامر بالسعي ، فانه أمر بمقدماتها على أبلغ وجه ، واذا وجب السعي اليها وجبت هي أيضاً بطريق الاولى ، ولا معنى لايجاب السعي اليها مع عدم ايجابها ، كما هو ظاهر انتهى كلامه (٢).
أقول (٣) : وبالله التوفيق « اذا » الشرطية ليست بناصة في العموم لغة ، لكونها من سور المهملة ، ودعواهم أن المستعملة في الايات الاحكامية تكون بمعنى « متى » و « كلما » فتفيد العموم عرفاً ، نحو ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا
__________________
(١) في المصدر : على قبلها.
(٢) الشهاب الثاقب ص ١٥ ـ ١٦.
(٣) الغرض من هذا التفصيل الايماء الى كيفية الاستدلال بالاية ، وطريقة الاستنباط منها ، وفيه تعريض على المستدل ، فان المراد بكون آية مثلا دليلا على حكم ، أنه يستنبط من منطوقها أو مفهومها ذلك الحكم ، ويستدل بها عليه بعد العلم بضوابط الاستدلال من غير أن يستعان فيه بقول زيد وعمرو.
كما يستدل مثلا بقوله تعالى ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ) على الضرب والشتم واللطم وبقوله عليهالسلام « في سائمة الغنم الزكاة » على انتفائها عن المعلوفة. وبقوله « فلا اذن » عن أن المقتضى للمنع هو اليبوسة الموجبة للنقص ، فيعم الحكم الرطب باليابس ، وذلك ظاهر.
ألا ترى الى ما سبق من الفاضل الحلى أنه كيف قسم الادلة السمعية وبين كيفية استنباط الاحكام في الكتاب والسنة ، والخبر تارة بالمنطوق وأخرى بالمفهوم ، الى آخر ما ذكره فارجع اليه وتأمل فيه ثم اذعن بما ذكرناه « منه ».