نحو ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (١) فيجوز أن يكون المراد هنا الثاني ، اذ لا مانع له دون الاول.
قلت : هذا مع أنه خارج عن موضع استدلالهم انما يصح أن لو ثبت بطريق صحيح أن نزول الآية انما كان بعد علمهم بوجوب صلاة الجمعة ، واشتهارها وشيوعها فيما بينهم ، ودون ثبوتها خرط القتاد ، وكيف لا؟ وهم انما يثبتون أصل وجوبها بالاية ، فكيف يصح هذا الاحتمال والحال هذه؟ بل صرح بعض مثبتي وجوبها بأنها ما كانت معهودة ولا مشروعة قبل نزولها.
هذا و « من » اما للابتداء وعلامته صحة ايراد « الى » أو ما يفيد معناه في مقابلتها أي : اذا نودي نداءً ناشئاً من مؤذني يوم الجمعة الى الصلاة ، فعليكم السعي الى ذكر الله. فاللام هنا مفيدة لمعنى الانتهاء ، كالباء في قولنا « أعوذ بالله من الشيطان الرجيم » واما بمعنى « في » كما أومأنا اليه ، فانه في الظروف كثيراً ما يقع بمعناه ، نحو « من بيننا وبينك حجاب ، وكنت من قدامكم » ولعله من أظهر الوجوه فان المراد بالنداء هنا ما يقع في وسط يوم الجمعة وعرضه ، لا ما يقع في أوله وابتدائه تأمل فيه.
واما للتعليل مثله ( مِمّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً ) (٢) ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (٣).
واما للتبيين ، وهو اظهار المقصود من أمر مبهم ، فهو هنا بيان لـ « اذا » لان قولك وقت نداء الصلاة « وجب عليكم السعي اليها » مبهم ، فاذا قلت : الذي هو يوم الجمعة ، ظهر المقصود ورفع الابهام.
__________________
(١) سورة المائدة : ٣.
(٢) سورة نوح : ٢٥.
(٣) عوالى اللئالي ١ / ٤٤ ، برقم : ٥٥.