كما فهمه زين المحققين ، وجعله سراً ونكتة لخلاف مقتضى الظاهر ، وما يفهم هذا المعنى من الآية الا باستعانة الرمل ، لابل بالوحي ونزول جبرئيل عليهالسلام.
ولعمر الحبيب أنه بهذا التفسير ألحقها بالالغاز والمعميات ، وما هذا الا التفسير بالرأي الممنوع شرعاً ، وهذا ظاهر لمن له أدنى دربة بأساليب الكلام ثم أخذ فطانته بيده ولا حظ المقام.
والحاصل أن ارادة صلاة الجمعة من ذكر الله خلاف ظاهر الآية ، ومن المقررات والمسلمات في الاصول امتناع أن يخاطب الله بشيء يريد خلاف ظاهره (١) من دون البيان ، والا لزم الاغراء بالجهل ، لان اطلاق اللفظ الظاهر الدلالة على معنى يوجب اعتقاد سامعه العالم بوضعه ارادة لافظه منه ذلك المعنى ، وذلك معلوم بالوجدان الصحيح.
فاذا لم يكن ذلك المعنى مراد اللافظ ، كان اعتقاد السامع ارادته له جهلا ، فاطلاقه مع عدم ارادته معناه الظاهر اغراء للسامع بذلك الاعتقاد الجهل ، ولانه بالنسبة الى غير ظاهره مهمل ، ولذلك كان مدار الاستدلال والاحتجاج بالايات والروايات من السلف الى الخلف على الظاهر المتبادر.
وقد عرفت أنهم عليهمالسلام ما بينوا الذكر في الآية بصلاة الجمعة في شيء من الاخبار المذكورة في الاصول المتداولة بين الاصحاب ، والا لكان الاستدلال به أولى من الاستدلال بقول المفسرين ، وخصوصاً على طريقة المستدل ، بل الظاهر المتبادر من أغلب الروايات الواردة في ذلك الباب أنه باق على عمومه ، وقد
__________________
(١) ولم يخالف ذلك الاشر ذمة قليلة من الحشوية والمرجئة ، فالاولون يجوزون أن يخاطب الله بالمهمل ، والآخرون يجوزون أن يعنى في النصوص خلاف الظاهر من غير بيان ، ومذهبهم قريب من مذهب الحشوية ، لان اللفظ بالنسبة الى معنى خلاف ظاهره في غير بيان مهمل « منه ».