كان بعضها راجحاً على الباقي وكان المكلف قد تركها تهاوناً واستخفافاً وجحوداً لفضلها ترتب على اعتقاده ، هذا ما ترتب من النفاق والطبع والختم ، فالسبب الاصلي فيه ذلك لا أصل الترك.
فان التهاون بالسنن والرغبة عنها تال للكفر ، كما يستفاد من قوله صلىاللهعليهوآله : النكاح من سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني (١). ومما روي عن علي عليهالسلام : الاغلف لا يؤم القوم وان كان أقرأهم ، لانه ضيع من السنن أعظمها ولا يقبل له شهادة ولا يصلى عليه ، الا أن يكون ترك ذلك خوفاً على نفسه (٢).
حيث يظهر منه أن التهاون بها قادح في العدالة وموجب لعدم قبول الشهادة بل يدل على كفر المتهاون بها ، لقوله عليهالسلام « ولا يصلى عليه ».
ولعل الوجه فيه أن الايمان هو التصديق بكل ما جاء به النبي وهذا منه ، ولذلك نفى صلىاللهعليهوآله في خطبته المذكورة عنه الصلاة والزكاة والحج والصوم والبر والدين ، كما هو الموجود في رواية الشهيد في الذكرى ، لان من شرائط قبول العبادات الايمان بالله وبجميع ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله ، وهذا المستخف الجاحد مرتد كافر غير مؤمن به ، ولذلك قال صلىاللهعليهوآله حتى يتوب. وفيه دلالة على قبول توبة المرتد بينه وبين الله ، كما هو الصحيح.
وأما ثالثاً ، فبأن هؤلاء لا ينكرون دلالتها على الوجوب العيني ، بل يقرون بها ويذكرونها في كتبهم الاستدلالية في هذا المقام ، كما في الذكرى وغيرها ، لكنهم يخصونها بزمن حضور الامام العادل ، كما هو منطوق هذه الرواية وغيرها ، كما مر وسيأتي.
__________________
(١) عوالي اللئالي ٢ / ٢٦١.
(٢) وسائل الشيعة ٥ / ٣٩٦ ، ح ١.