أقرب الى الاحتياط من النظر في أدبارهن ، فإذا كان النظر في أدبارهن مكروهة أو محرمة مع كونها مستورة بأستار وجلابيب شيء ، على ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله قال للزوج ما تحت الدرع ، وللابن والأخ ما فوق الدرع ، ولغير ذي محرم أربعة أثواب : درع ، وخمار ، وجلباب ، وإزار.
ويدل عليه أيضاً قوله تعالى ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) (١).
مع ما روي في وجه نزوله أن رجلا من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله خرج من عند أهله فإذا جارية عليها ثياب وهيئة فجلس عندها فقامت فأهوى بيده الى عارضها فمضت ، فاتبعها بصره ومضى خلفه فلقيه حائط فخمش وجهه ، فعلم أنه أصيب بذنبه.
فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآله فذكر له ذلك ، فقال : أنت رجل عجل الله عقوبة ذنبك في الدنيا ، ان الله تعالى إذا أراد بعبد شراً أمسك عنه عقوبة ذنبه حتى يوافي به يوم القيامة ، وإذا أراد به خيراً عجل له عقوبة ذنبه في الدنيا ونزلت آية الحجاب.
فكيف يجوز النظر الى وجوههن حال كونها مكشوفة؟ مع ان العرف والعادة شاهدا عدل على ان الشهوة والرغبة والميل انما تحدث في أغلب أفراد الناس بمجرد النظر الى وجوه الأجنبيات ، كما دلت عليه بعض الأقوال والاخبار السالفة أيضاً ، وخصوص المبيحات والوجيهات فيهن ، بل بمحض استماع الصوت.
كما روي أن علياً عليهالسلام كان يكره أن يسلم على الشابة منهن وكان يقول : أتخوف أن تعجبني صوتها ، فيدخل من الإثم علي أكثر مما أطلب من الأجر. ولا شك
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٥٩.