أقول : ظاهر أن المراد منها بيان وجه الحكمة في الاحتياج الى السبعة ، كما ذكره غير واحد من الاصحاب ، منهم الشهيد في الذكرى ، حيث قال في مقام الرد على المحقق : وأما احصاء العدد بالسبعة ، فلبيان الحكمة في اعتبار الاستيطان في الجمعة ، لا لانه شرط في انعقادها. وتوضيحه : ان الاجتماع مظنة التنازع ، وكل اجتماع فيه تنازع لا بد فيه من المدعي والمدعى عليه ومن امام يرفع اليه ومن شاهدين على الحق ولو عرض للامام عذر ، فلا بد من نائبه. ولو تعدى أحد المدعيين على الآخر واستوجب الحد أو التعزير ، فلا بد ممن يضرب الحدود.
وثالثاً : بأنها معارضة بالاخبار الدالة على عدم اعتبار الامام عليهالسلام ، كذا قال المستدل في الباب المذكور (١).
وأنت وكل من له أدنى دربة بالرواية والدراية خبيران بأنه لا تعارض بينها ولا بين أضرابها مما يدل صريحاً على اعتباره عليهالسلام أو نائبه خاصاً ، كما مر وسيأتي. وبين شيء من الاخبار الواردة في الباب ، فانها كما ستطلع على نبذ آخر منها إن شاء الله تعالى مطلقات عامات.
ولا تعارض بين العام والخاص ، ولا بين المطلق والمقيد ، لامكان تخصيص الاول بالثاني ، وتقييد الثالث بالرابع ، بل يجب ذلك بناءً على قواعدهم ، فان من المقررات عندهم أنه اذا ورد عام وخاص متنافيا الظاهر يجب بناء العام على الخاص مطلقا ، كما سيأتي تفصيله.
والعجب كل العجب من هؤلاء القوم كيف طعنوا على هذه الرواية بهذا الوجه ولم يتفطنوا بذلك ، فان احتمال تفطنهم واغماضهم عنه بعيد غير مناسب بحالهم.
__________________
(١) الشهاب الثاقب ص ٦٦.