فإنه يدل على اختصاص التحليل بهذه الأزمان والأيام ، إذ لو كان تحليله لهم على الدوام لزم منه لغوية تقييده بقوله « اليوم » وانما أسقط تكليف ذلك عنهم في ذلك اليوم ، لأن هؤلاء الظلمة كانوا يأخذون منهم الخمس والزكاة قهراً.
كما يدل عليه ما في الفقيه عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه سئل عن الرجل يأخذ منه هؤلاء زكاة ماله أو خمس غنيمته ، أو خمس ما يخرج من المعادن ، أيحسب ذلك له في زكاته وخمسه؟ فقال : نعم (١).
فلو كلفوا عليهمالسلام إياهم مرة أخرى بالزكاة والخمس كان ذلك على خلاف العدل والانصاف ، فحسبوا لهم ذلك من خمسهم وزكاتهم ترحماً عليهم ، ولان ذلك كان بمنزلة أخذ مال الغير عنهم بالجبر بل نفسه ، فكان محسوباً عنهم.
وعلى هذا فهذا الحديث بمفهومه يدل على وجوب الخمس في أرباح التجارات والمكاسب في زماننا هذا ، كما يظهر عند التأمل.
وأقوى منه رواية الريان بن الصلت الثقة من أصحاب الرضا والهادي عليهماالسلام قال : كتبت الى أبي محمد ـ والمراد به هنا الحسن بن علي الزكي العسكري عليهماالسلام ـ ما الذي يجب علي يا مولاي في غلة رحى في أرض قطيعة لي وفي ثمن سمك وبردي (٢) وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة؟ فكتب : يجب عليك فيه الخمس إن شاء الله تعالى (٣).
فلو لم تكن الإباحة مقصورة على زمان المبيح بل كانت مقيدة بالدوام لما وجب عليه فيه الخمس ، وقد أباحه له قبل من له الولاية في الإباحة ، لأن إباحته له مع وجوبه عليه متنافيان متناقضان.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٤٣ ، برقم : ١٦٥٦.
(٢) البردي نبات معروف يقال له بالفارسية پيزر « منه ».
(٣) تهذيب الاحكام ٤ / ١٣٩ ، ح ١٦.