مسكنا لملائكته ، ولا مصعدا للكلم الطّيّب والعمل الصّالح من خلقه ، جعل نجومها أعلاما يستدلّ بها الحيران فى مختلف فجاج الأقطار ، لم يمنع ضوء نورها ادلهمام سجف اللّيل المظلم (١) ، ولا استطاعت جلابيب سواد الحنادس أن تردّ ما شاع فى السّموات من تلألؤ نور القمر ، فسبحان من لا يخفى عليه سواد غسق داج ، ولا ليل ساج (٢) فى بقاع الأرضين المتطأطئات ، ولا فى يفاع
__________________
(١) ادلهمام الظلمة : كثافتها وشدتها ، والسجف ـ بالكسر ، والفتح ـ : الستر ، والجلابيب : جمع جلباب ، وهو توب واسع تلبسه المرأة فوق ثيابها كأنه ملحفة. ووجه الاستعارة فيها ظاهر ، والحنادس : جمع حندس ـ بكسر الحاء ـ : وهو الليل المظلم
(٢) الساجى : الساكن ، ووصف الليل بالسكون وصف له بصفة المشمولين به ، فان الحيوانات تسكن بالليل وتطلب أرزاقها بالنهار. والمتطأطئات : المنخ.٣٠٣فضات ، واليفاع : التل ، أو المرتفع مطلقا من الأرض ، والسفع : جمع سفعاء ، وهى السوداء تضرب إلى الحمرة ، والمراد منها الجبال ، عبر عنها بلونها فيما يظهر للنظر على بعد ، وما يجلجل به الرعد : صوته ، والجلجلة : صوت الرعد ، وتلاشت : اضمحلت ، وأصله من «لشا» بمعنى خس بعد رفعة ، وما يضمحل عنه البرق هو الأشياء التى ترى عند لمعانه. والعواصف : الرياح الشديدة ، وإضافتها للأنواء من إضافة الشىء لمصاحبه عادة. والأنواء : جمع نوء ، وهو أحد منازل القمر ، يعدها العرب ثمانية وعشرين يغيب منها عن الأفق فى كل ثلاث عشرة ليلة منزلة ، ويظهر عليه أخرى. والمغيب والظهور عند طلوع الفجر ، وكانوا ينسبون المطر لهذه الأنواء فيقولون : «مطرنا بنوء كذا» لمصادفة : هبوب الرياح وهطول الأمطار فى أوقات ظهور بعضها حتى جاء الاسلام فأبطل الاعتقاد بتأثير الكواكب فى الحوادث الأرضية تأثيرا روحانيا