السّفع المتجاورات ، وما يتجلجل به الرّعد فى أفق السّماء ، وما تلاشت عنه بروق الغمام ، وما تسقط من ورقة تزيلها عن مسقطها عواصف الأنواء وانهطال السّماء (١) ، ويعلم مسقط القطرة ومقرّها ، ومسحب الذّرّة ومجرّها ، وما يكفى البعوضة من قوتها ، وما تحمل الأنثى فى بطنها.
الحمد للّه الكائن قبل أن يكون كرسىّ أو عرش ، أو سماء أو أرض ، أو جانّ أو إنس ، لا يدرك بوهم ، ولا يقدّر بفهم ، ولا يشغله سائل ، ولا ينقصه نائل (٢) ، ولا ينظر بعين ، ولا يحدّ بأين ، ولا يوصف بالأزواج ، ولا يخلق بعلاج ، ولا يدرك بالحواسّ ، ولا يقاس بالنّاس. الّذى كلّم موسى تكليما ، وأراه من آياته عظيما ، بلا جوارح ولا أدوات ، ولا نطق ولا لهوات (٣).
بل إن كنت صادقا أيّها المتكلّف لوصف ربّك (٤) ، فصف جبرائيل وميكائيل
__________________
(١) السماء هنا : المطر ، وانهطاله : انصبابه. ومسقط القطرة : موضع سقوطها ومقرها : موضع قرارها. ومسحب الذرة ومجرها : موضع سحبها وجرها ، والذرة : الصغيرة من النمل
(٢) النائل : العطاء ، والأين : المكان ، والأزواج : القرناء والأمثال. أى : لا يقال «ذو قرناء» ولا «هو قرين لشىء» ، والعلاج لا يكون إلا بين شيئين أحدهما يقاوم الآخر فيتغلب الآخر عليه ، واللّه لا يعالج شيئا ، بل يقول له «كن» فيكون!
(٣) اللهوات : جمع لهاة ، وهى اللحمة المشرفة على الحلق فى أقصى الفم
(٤) المتكلف : هو شديد التعرض لما لا يعنيه ، أى : إن كنت ـ أيها المتعرض ل