وجنود الملائكة المقرّبين فى حجرات القدس مرجحنّين (١) متولّهة عقولهم أن يحدّوا أحسن الخالقين. فإنّما يدرك بالصّفات ذوو الهيئات والأدوات ، ومن ينقضى إذا بلغ أمد حدّه بالفناء! فلا إله إلاّ هو أضاء بنوره كلّ ظلام ، وأظلم بظلمته كلّ نور.
أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه الّذى ألبسكم الرّياش (٢) وأسبغ عليكم المعاش ولو أنّ أحدا يجد إلى البقاء سلّما أو إلى دفع الموت سبيلا لكان ذلك سليمان ابن داود عليه السّلام : الّذى سخّر له ملك الجنّ والإنس مع النّبوّة وعظيم الزّلفة ، فلمّا استوفى طعمته (٣) واستكمل مدّته ، رمته قسىّ الفناء بنبال الموت ، وأصبحت الدّيار منه خالية ، والمساكن معطّلة ، وورثها قوم آخرون ، وإنّ لكم فى القرون السّالفة لعبرة! أين العمالقة وأبناء العمالقة؟ أين الفراعنة وأبناء الفراعنة؟ أين أصحاب مدائن الرّسّ الّذين قتلوا النّبيّين. وأطفأوا سنن
__________________
ما لا يعنيك من وصف ربك ـ صادقا فى دعوى القدرة على وصفه فصف أحد مخلوقاته! فاذا عجزت فأنت عن وصف الخالق أشد عجزا
(١) الحجرات : جمع حجرة ـ بضم الحاء ـ : الغرفة. والمرجحن ـ كالمقشعر ـ المائل لثقله والمتحرك يمينا وشمالا ، تقول : ارجحن الحجر ـ على وزان اطمأن واقشعر ـ إذا مال هاويا. كناية عن انحنائهم لعظمة اللّه واهتزازهم لهيبته. و «متولهة» أى : حائرة ، أو متخوفة
(٢) الرياش : اللباس الفاخر. وأسبغ : أوسع
(٣) الطعمة ـ بالضم ـ : المأكلة ، أى : ما يؤكل ، والمراد رزقه المقسوم