أعدّ اللّه للمطيعين منهم والعصاة من جنّة ونار وكرامة وهوان.
أحمده إلى نفسه كما استحمد إلى خلقه (١) ، وجعل لكلّ شىء قدرا ، ولكلّ قدر أجلا ، ولكلّ أجل كتابا.
منها : [فى ذكر القرآن] : فالقرآن آمر زاجر ، وصامت ناطق ، حجّة اللّه على خلقه : أخذ عليهم ميثاقه ، وارتهن عليه أنفسهم (٢) ، أتمّ نوره ، وأكمل به دينه ، وقبض نبيّه ، صلّى اللّه عليه وآله ، وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به ، فعظّموا منه سبحانه ما عظّم من نفسه ، فإنّه لم يخف عنكم شيئا من دينه ، ولم يترك شيئا رضيه أو كرهه ، إلاّ وجعل له علما باديا ، وآية محكمة
__________________
(١) أى : كما طلب من خلقه أن يحمدوه
(٢) جعل القرآن آمرا زاجرا لما كان اللّه تعالى آمرا به زاجرا ، فأسند الأمر والزجر إليه كما تقول سيف قاطع وقاتل ، وإنما القاطع والقاتل الضارب به ، وجعله صامتا ناطقا باعتبارين ، فانه من حيث هو حروف وأصوات صامت ، إذ كان يستحيل أن تكون الحروف ناطقة ، وهو من حيث تضمنه الاخبار والأمر والنهى والنداء وغير ذلك من أقسام الكلام التى ينطق بها كأنه ناطق ، لأنه الفهم يقع عنده ، وهذا من باب المجاز ، كما تقول : هذه ربوع ناطقة ، وأخبرتنى الديار بعد رحيلهم كذا ، وما أشبه ذلك ، وقوله «ارتهن عليه أنفسهم» حبس نفوسهم فى ضنك المؤاخذة حتى يؤدوا حق القرآن من العمل به ، فان لم يفعلوا لم يخلصوا بل يهلكوا.