والغابرين لحاجتهم إليها غدا إذا أعاد اللّه ما أبدى. وأخذ ما أعطى. وسأل عمّا أسدى (١). فما أقلّ من قبلها وحملها حقّ حملها ، أولئك الأقلّون عددا. وهم أهل صفة اللّه ـ سبحانه ـ إذ يقول : «وَقَلِيلٌ مِنْ عِبٰادِيَ اَلشَّكُورُ». فأهطعوا بأسماعكم إليها (٢) ، وكظّوا بجدّكم عليها ، واعتاضوها من كلّ سلف خلفا ، ومن كلّ مخالف موافقا ، أيقظوا بها نومكم ، واقطعوا بها يومكم ، وأشعروا بها قلوبكم ، وارحضوا بها ذنوبكم (٣). وداووا بها الأسقام ، وبادروا بها الحمام ، واعتبروا بمن أضاعها ، ولا يعتبرنّ بكم من أطاعها (٤). ألا وصونوها وتصوّنوا بها (٥). وكونوا عن الدّنيا نزّاها ، وإلى الآخرة ولاّها ، ولا تضعوا من رفعته التّقوى ، ولا ترفعوا من رفعته الدّنيا ، ولا تشيموا بارقها (٦) ولا تستمعوا ناطقها ، ولا [تجيبوا] ناعقها ، ولا تستضيئوا بإشراقها ، ولا تفتنوا
__________________
(١) أسدى : منح وأعطى.
(٢) الاهطاع : الاسراع ، أهطع البعير. مد عنقه وصوب رأسه ، والكظاظ ـ ككتاب ـ : الممارسة وطول الملازمة. وفعله ككتب
(٣) رحض ـ كمنع ـ : غسل ، والحمام ـ ككتاب ـ : الموت
(٤) أى : لا تكونوا عبرة يتعظ بسوء مصيركم من أطاع التقوى وأدى حقوقها
(٥) تصونوا : تحفظوا ، والنزاه : جمع نازه ، وهو العفيف النفس ، والولاه : جمع واله ، وهو الحزين على الشىء حتى يناله ، أى : المشتاق
(٦) شام البرق : نظر اليه أين يمطر ، والبارق : السحاب ، أى : لا تنظروا لما يغركم من مطامعها. والأعلاق : جمع علق ـ بالكسر ـ : بمعنى النفيس.