الأدعياء الّذين شربتم بصفوكم كدرهم ، وخلطتم بصحّتكم مرضهم (١) وأدخلتم فى حقّكم باطلهم ، وهم أساس الفسوق ، وأحلاس العقوق ، اتّخذهم إبليس مطايا ضلال ، وجندا بهم يصول على النّاس ، وتراجمة ينطق على ألسنتهم استراقا لعقولكم ، ودخولا فى عيونكم ، ونفثا فى أسماعكم ، فجعلكم مرمى نبله (٢) ، وموطىء قدمه ، ومأخذ يده. فاعتبروا بما أصاب الأمم المستكبرين من قبلكم من بأس اللّه وصولاته ، ووقائعه ومثلاته (٣) ، واتّعظوا بمثاوى خدودهم (٤) ، ومصارع جنوبهم. واستعيذوا باللّه من لواقح الكبر (٥) كما تستعيذون [به] من طوارق الدّهر ، فلو رخّص اللّه فى الكبر لأحد من
__________________
(١) الأدعياء : جمع دعى ، وهو من ينتسب إلى غير أبيه. والمراد منهم الأخساء المنتسبون إلى الأشراف ، والأشرار المنتسبون إلى الأخيار. و «شربتم بصفوكم كدرهم» أى : خلطوا صافى إخلاصكم بكدر نفاقهم ، وبسلامة أخلاقكم مرض أخلاقهم. والأحلاس : جمع حلس ـ بالكسر ـ : وهو كساء رقيق يكون على ظهر البعير ملازما له ، أو هو كساء تبسط تحت حر الثياب ، فقيل لكل ملازم لشىء هو حلسه ، وفى الحديث «كن حلس بيتك» أى : لا تبرحه ، والعقوق : العصيان
(٢) النبل ـ بالفتح ـ : السهام العربية ، وهى مؤنثة ولا واحد لها من لفظها ، وقد جمعوها على نبال ـ كرجال ـ وأنبال
(٣) المثلات ـ بفتح فضم ـ العقوبات
(٤) مثاوى : جمع مثوى بمعنى المنزل ، ومنازل الخدود : مواضعها من الأرض بعد الموت ، ويروى «بمثاوى خلودهم» ، ومصارع الجنوب : مطارحها على التراب
(٥) لواقح الكبر : محدثاته فى النفوس