الشّدائد ، ويتعبّدهم بأنواع المجاهد ، ويبتليهم بضروب المكاره ، إخراجا للتّكبّر من قلوبهم ، وإسكانا للتّذلّل فى نفوسهم ، وليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله (١) ، وأسبابا ذللا لعفوه.
فاللّه اللّه فى عاجل البغى ، وآجل وخامة الظّلم ، وسوء عاقبة الكبر ، فإنّها مصيدة إبليس العظمى ، ومكيدته الكبرى ، الّتى تساور قلوب الرّجال مساورة السّموم القاتلة (٢) ، فما تكدى أبدا (٣) ، ولا تشوى أحدا : لا عالما لعلمه ، ولا مقلاّ فى طمره (٤) ، وعن ذلك ما حرس اللّه عباده المؤمنين (٥) بالصّلوات والزّكوات ، ومجاهدة الصّيام فى الأيّام المفروضات ، تسكينا لأطرافهم (٦) ،
__________________
(١) فتحا ـ بضمتين ـ أى : مفتوحة واسعة
(٢) «تساور القلوب» أى : تواثبها وتقاتلها
(٣) أكدى الحافر : إذا عجز عن التأثير فى الأرض ، وأشوت الضربة : أخطأت المقتل ، وأصله الشوى ـ بوزان النوى ـ وهو الأطراف وكل ما ليس مقتلا كالقوائم ، فقالوا «اشواه» أى : أصاب شواه ولم يقتله
(٤) الطمر ـ بالكسر ـ : الثوب الخلق ، أو الكساء البالى من غير الصوف ، أى : إن البغى والظلم والكبر هى آلات إبليس وأسلحته المهلكة : لا ينجو منها العالم فضلا عن الجاهل ، ولا الفقير فضلا عن الغنى
(٥) «ما حرس» أى : حراسة اللّه للمؤمنين بالصلوات الخ ناشئة عن ذلك ، فهذه الفرائض لتخليص النفوس من تلك الوسائل
(٦) الأطراف : الأيدى والأرجل