فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة : الّتى ينتقلون فى ظلّها ، ويأوون إلى كنفها ـ بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ، لأنّها أرجح من كلّ ثمن ، وأجلّ من كلّ خطر.
واعلموا أنّكم صرتم بعد الهجرة أعرابا (١) ، وبعد الموالاة أحزابا ، ما تتعلّقون من الإسلام إلاّ باسمه ، ولا تعرفون من الإيمان إلاّ رسمه!! تقولون «النّار ولا العار» ، كأنّكم تريدون أن تكفئوا الإسلام على وجهه انتهاكا لحريمه ، ونقضا لميثاقه (٢) الّذى وضعه اللّه لكم حرما فى أرضه ، وأمنا بين خلقه ، وإنّكم إن لجأتم إلى غيره حاربكم أهل الكفر ، ثمّ لا جبرائيل ولا ميكائيل ولا مهاجرون ولا أنصار ينصرونكم ، إلاّ المقارعة بالسّيف حتّى يحكم اللّه بينكم.
وانّ عندكم الأمثال من بأس اللّه وقوارعه ، وأيّامه ووقائعه ، فلا تستبطئوا وعيده جهلا بأخذه ، وتهاونا ببطشه ، ويأسا من بأسه ، فانّ اللّه ـ سبحانه ـ لم يلعن القرن الماضى بين أيديكم إلاّ لتركهم الأمر بالمعروف والنّهى عن
__________________
(١) أى : صرتم من أعراب البادية الذين يكتفى فى إسلامهم بذكر الشهادتين ، وإن لم يخالط الأيمان قلوبهم ، بعد أن كنتم من المهاجرين الصادقين ، والموالاة : المحبة ، والأحزاب المتفرقون : المتقاطعون.
(٢) هو ميثاق الأخوة الدينية