المنكر ، فلعن اللّه السّفهاء لركوب المعاصى ، والحلماء لترك التّناهى ألا وقد قطعتم قيد الإسلام ، وعطّلتم حدوده ، وأمتّم أحكامه ، ألا وقد أمرنى اللّه بقتال أهل البغى والنّكث (١) والفساد فى الأرض : فأمّا النّاكثون فقد قاتلت ، وأمّا القاسطون فقد جاهدت (٢) ، وأمّا المارقة فقد دوّخت ، وأمّا شيطان الرّدهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه ، ورجّة صدره (٣) وبقيت بقيّة من أهل البغى ، ولئن أذن اللّه فى الكرّة عليهم لأديلنّ منهم (٤) إلاّ ما يتشذّر فى أطراف البلاد تشذّرا.
أنا وضعت فى الصّغر بكلاكل العرب (٥) ، وكسرت نواجم القرون ربيعة
__________________
(١) نقض العهد
(٢) القاسطون : الجائرون عن الحق ، وفى التنزيل : «وَأَمَّا اَلْقٰاسِطُونَ فَكٰانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً» بخلاف «المقسطين» من «أقسط» المهموز فان معناه العادلون ، فالهمزة فى فعله للازالة ، ومنه ورد فى أسماء اللّه تعالى «المقسط» والمارقة : الذين مرقوا من الدين ـ أى : خرجوا منه ـ و «دوخهم» أى : أضعفهم وأذلهم.
(٣) الردهة ـ بالفتح ـ : النقرة فى الجبل قد يجتمع فيها ، وشيطانها ذو الثدية من رؤساء الخوارج وجد مقتولا فى ردهة. والصعقة : الغشية تصيب الانسان من الهول. ووجبة القلب : اضطرابه وخفقانه ، ورجة الصدر : اهتزازه وارتعاده
(٤) لأديلن منهم : لأمحقنهم ، ثم أجعل الدولة لغيرهم ، و «ما يتشذر» أى : يتفرق ، أى : لا يفلت منى إلا من يتفرق فى أطراف البلاد
(٥) الكلاكل : الصدور ، عبر بها عن الأكابر ، والنواجم من القرون : الظاهرة الرفيعة يريد بها أشراف القبائل ، و «ربيعة» بدل من القرون ، ويروى «نواجم قرون ربيعة» على الاضافة