ولا جذّ لفروعه ، ولا ضنك لطرقه ، ولا وعوثة لسهولته ، ولا سواد لوضحه ، ولا عوج لانتصابه ، ولا عصل فى عوده ، ولا وعث لفجّه ، ولا انطفاء لمصابيحه ، ولا مرارة لحلاوته. فهو دعائم أساخ فى الحقّ أسناخها (١) ، وثبّت لها أسسها ، وينابيع غزرت عيونها ، ومصابيح شبّت نيرانها ، ومنار اقتدى بها سفّارها (٢) ، وأعلام قصد بها فجاجها ، ومناهل روى بها ورّادها : جعل اللّه فيه منتهى رضوانه ، وذروة دعائمه ، وسنام طاعته ، فهو عند اللّه وثيق الأركان ، رفيع البنيان ، منير البرهان ، مضىء النّيران ، عزيز السّلطان ، مشرف المنار (٣) ، معوز المثار ، فشرّفوه ، واتّبعوه ، وأدّوا إليه حقّه ، وضعوه مواضيعه ثمّ إنّ اللّه بعث محمّدا ، صلّى اللّه عليه وآله وسلم ، بالحقّ حين دنا من الدّنيا
__________________
(١) أساخ : أثبت ، وأصل «ساخ» غاص فى لين وخاض فيه. والأسناخ : الأصول ، وغزرت : كثرت ، وشبت النار : ارتفعت من الايقاد
(٢) المنار : ما ارتفع لتوضع عليه نار يهتدى إليها ، والسفار ـ بضم فتشديد ـ ذوو السفر ، أى : يهتدى إليها المسافرون فى طريق الحق ، والأعلام : ما يوضع على أوليات الطرق أو وساطها ليدل عليها ، فهو هدايات بسببها قصد السالكون طرقها
(٣) مشرف المنار : مرتفعه ، وأعوزه الشىء : احتاج إليه فلم ينله ، والمثار : مصدر من «ثار الغبار» إذا هاج ، أى : لو طلب أحد إثارة هذا الدين لما استطاع لثباته