الوالى برعيّته ، اختلفت هنالك الكلمة ، وظهرت معالم الجور ، وكثر الادغال فى الدّين (١) ، وتركت محاجّ السّنن ، فعمل بالهوى ، وعطّلت الأحكام وكثرت علل النّفوس ، فلا يستوحش لعظيم حقّ عطّل (٢) ، ولا لعظيم باطل فعل!! فهنالك تذلّ الأبرار ، وتعزّ الأشرار ، وتعظم تبعات اللّه عند العباد ، فعليكم بالتّناصح فى ذلك وحسن التّعاون عليه ، فليس أحد ـ وإن اشتدّ على رضا اللّه حرصه ، وطال فى العمل اجتهاده ـ ببالغ حقيقة ما اللّه أهله من الطّاعة [له] ولكن من واجب حقوق اللّه على العباد النّصيحة بمبلغ جهدهم ، والتّعاون على إقامة الحقّ بينهم ، وليس امرؤ ـ وإن عظمت فى الحقّ منزلته ، وتقدّمت فى الدّين فضيلته ـ بفوق أن يعان على ما حمّله اللّه من حقّه (٣) ، ولا أمرؤ ـ وإن صعّرته النّفوس ، واقتحمته العيون (٤) ـ بدون أن يعين على ذلك ، أو يعان عليه.
فأجابه عليه السلام رجل من أصحابه بكلام طويل يكثر فيه الثناء عليه ويذكر سمعه وطاعته له ، فقال عليه السلام :
__________________
(١) الادغال فى الأمر : إدخال ما يفسده فيه. ومحاج السنن : أوساط طرقها
(٢) أى : إذا عطل الحق لا تأخذ النفوس وحشة أو استغراب ، لتعودها على تعطيل الحقوق وأفعال الباطل
(٣) «بفوق أن يعان ـ الخ» أى : بأعلى من أن يحتاج إلى الاعانة ، أى : بغنى عن المساعدة
(٤) اقتحمته : احتقرته. «بدون أن يعين» أى : بأعجز أن يساعد غيره. «١٥ ـ ن ـ ج ـ ٢»