الفترة فى قلبك بعزيمة ، ومن كرى الغفلة فى ناظرك بيقظة (١) وكن للّه مطيعا ، وبذكره آنسا ، وتمثّل فى حال تولّيك عنه إقباله عليك (٢) : يدعوك إلى عفوه ، ويتغمّدك بفضله ، وأنت متولّ عنه إلى غيره ، فتعالى من قوىّ ما أكرمه (٣) ، وتواضعت من ضعيف ما أجرأك على معصيته ، وأنت فى كنف ستره مقيم ، وفى سعة فضله متقلّب ، فلم يمنعك فضله ، ولم يهتك عنك ستره ، بل لم تخل من لطفه مطرف عين فى نعمة يحدثها لك (٤) ، أو سيّئة يسترها عليك ، أو بليّة يصرفها عنك!! فما ظنّك به لو أطعته ، وايم اللّه لو أنّ هذه الصّفة كانت فى متّفقين فى القوّة ، متوازنين فى القدرة ، لكنت أوّل حاكم على نفسك بذميم الأخلاق ، ومساوئ الأعمال. وحقّا أقول ما الدّنيا غرّتك (٥) ولكن بها اعتررت ، ولقد كاشفتك العظات ، وآذنتك على سواء ، ولهى بما
__________________
(١) الكرى ـ بالفتح والقصر ـ النوم
(٢) تمثل : تصور ، أى : واذكر عند إعراضك عن اللّه ، أى : عند لهوك ، أنه مقبل عليك بنعمه ، «ويتغمدك» أى : يغمرك
(٣) الضمير فى «تعالى» للّه
(٤) طرف عينه ـ كضرب ـ أطبق جفنيها ، والمراد من المطرف اللحظة يتحرك فيها الجفن «فى نعمة» يتعلق بلطفه
(٥) إن الدنيا ما خبأت عن نظرك شيئا من تقلباتها المفزعة ، ولكن غفلت عما ترى ، ولقد كاشفتك وأظهرت لك العظات ، أى : المواعظ ، وآذنتك : أعلمتك على عدل «١٦ ـ ن ـ ج ـ ٢»