تعدك من نزول البلاء بجسمك ، والنّقص فى قوّتك ، أصدق وأوفى من أن تكذبك ، أو تغرّك ، ولربّ ناصح لها عندك متّهم (١) ، وصادق من خبرها مكذّب ، ولئن تعرّفتها فى الدّيار الخاوية (٢) ، والرّبوع الخالية ، لتجدنّها من حسن تذكيرك ، وبلاغ موعظتك ، بمحلّة الشّفيق عليك ، والشّحيح بك (٣) ، ولنعم دار من لم يرض بها دارا ، ومحلّ من لم يوطّنها محلاّ (٤)! وإنّ السّعداء بالدّنيا غدا هم الهاربون منها اليوم
إذا رجفت الرّاجفة (٥) ، وحقّت بجلائلها القيامة ، ولحق بكلّ منسك أهله وبكلّ معبود عبدته ، وبكلّ مطاع أهل طاعته ، فلم يجز فى عدله [وقسطه] يومئذ حرق بصر فى الهواء (٦) ، ولا همس قدم فى الأرض إلاّ بحقّه. فكم
__________________
(١) رب حادث من حوادثها يلقى إليك النصيحة بالعبرة فتتهمه وهو مخلص
(٢) تعرفتها : طلبت معرفتها وعاقبة الركون إليها
(٣) البخيل بك على الشقاء والهلكة
(٤) وطنه ـ بالتشديد ـ اتخذه وطنا
(٥) الراجفة : النفخة الأولى حين تهب ريح الفناء فتنسف الأرض نسفا ، وحقت القيامة : وقعت وثبتت بعظائمها ، والمنسك ـ بفتح الميم والسين ـ العبادة ، أو مكانها
(٦) يجز : من الجزاء مبنى للمجهول نائب فاعله «خرق بصر وهمس قدم» أى : لا تجازى لمحة البصر تنفذ فى الهواء ولا همسة القدم فى الأرض إلا بحق وذلك بعدل اللّه ويروى «فلم يجر فى عدله» من «جار» أى : عدل عن الطريق ، أى : لم يذهب عنه سبحانه ولم يضل ولم يشذ عن حسابه شىء من أمر محقرات الأمور إلا بحقه ، أى : إلا ما لا فائدة فى إثباته. ورواه قوم «لم يجز» مضارع «جاز يجوز» أى لم يسغ ولم