حبائله ، وتكنّفتكم غوائله ، وأقصدتكم معابله ، وعظمت فيكم سطوته ، وتتابعت عليكم عدوته (١) ، وقلّت عنكم نبوته ، فيوشك أن تغشاكم دواجى ظلله ، واحتدام علله ، وحنادس غمراته ، وغواشى سكراته ، وأليم إزهاقه ، ودجوّ إطباقه ، وجشوبة مذاقه ، فكأن قد أتاكم بغتة ، فأسكت نجيّكم (٢) ، وفرّق نديّكم ، وعفّى آثاركم ، وعطّل دياركم ، وبعث ورّاثكم يقتسمون تراثكم ، بين حميم خاصّ لم ينفع ، وقريب محزون لم يمنع ، وآخر شامت لم يجزع ، فعليكم بالجدّ والاجتهاد ، والتّأهّب والاستعداد ، والتّزوّد فى منزل الزّاد ، ولا تغرّنّكم الحياة الدّنيا كما غرّت من كان قبلكم من الأمم الماضية ، والقرون
__________________
لمن يظن مغالبة الموت فلا يستعد له بالصالحات ، كأنه يقول : إذا كنتم أقوياء ، فالموت كفء لكم غير مغلوب ، والواتر : الجانى. والموت لا يطالب بالقصاص على جنايته ، أعلقتكم الحبائل : أوقعتكم فيها ، فاقتنصتكم ، وهى جمع حبالة ـ بكسر الحاء ـ وهى المصيدة من الحبال ، وتقول : حبلته حبلا ـ من باب قتل ـ واحتبلته أيضا ، إذا صدته بالحبالة. وتكنفتكم : أحاطتكم ، وأقصده : رماه بسهم فأصاب مقتله ، والمعابل : جمع معبلة ـ كمكنسة : بكسر الميم ـ وهى النصل الطويل العريض
(١) العدوة ـ بالفتح ـ العدوان ، والنبوة ـ بالفتح ـ أن يخطىء فى الضربة فلا يصيب ، والدواجى : جمع داجية ، أى : مظلمة ، والظلل : جمع الظلة ، أى : السحابة ، والاحتدام : الاشتداد ، والحنادس : جمع حندس ـ بكسر الحاء والدال ـ وهى الظلمة الشديدة ، والغمرات : الشدائد ، والدجو : الاظلام ، والجشوبة : الخشونة
(٢) النجى : القوم يتناجون ، والندى : الجماعة يجتمعون للمشاورة ، وعفى الآثار : محاها ، والتراث : الميراث ، والحميم : الصديق