ليطلبون حقّا هم تركوه ، ودماهم سفكوه ، فإن كنت شريكهم فيه فإنّ لهم نصيبهم منه ، وإن كانوا ولّوه دونى فما الطّلبة إلاّ قبلهم (١) وإنّ أوّل عدلهم للحكم على أنفسهم ، وإنّ معى لبصيرتى : ما لبّست ولا لبّس علىّ ، وإنّها للفئة الباغية فيها الحما والحمة (٢) والشّبهة المغدفة (٣) وإنّ الأمر لواضح وقد زاح الباطل عن نصابه (٤) وانقطع لسانه عن شغبه (٥) وايم اللّه لأفرطنّ لهم
__________________
من الانصاف ، وربما سكن كما فى قول الفرزدق :
ولكن نصفا لو سببت وسبنى |
|
بنو عبد شمس من قريش وهاشم |
(١) الطلبة ـ بالكسر ـ : ما يطالب به من الثأر
(٢) المراد بالحما هنا : مطلق القريب والنسيب ، وهو كناية عن الزبير ، فانه من قرابة النبى صلّى اللّه عليه وسلم وابن عمته. قالوا : وكان النبى أخبر عليا أنه ستبغى عليه فئة فيها بعض أحمائه وإحدى زوجاته ، والحمة ـ بضم ففتح ـ : كناية عنها ، وأصلها الحية أو إبرة اللاسعة من الهوام واللّه أعلم. هكذا قال الاستاذ الامام ، وفى تفسير «الحما» الذى ذهب إليه بعد ، فانه لو كان بهذا المعنى الذى ذكره لجاء به مرفوعا بالواو مضافا كما هو الأشهر الأعرف فى إعراب هذه الكلمة ، وإنما هو «الحمأ» بالهمز فى آخره ، وهو الطين الأسود ، وفى التنزيل : «مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ» وهو كناية عن اختلاط الأمر واضطرابه ، والحمة : كناية عن شدته وعظيم أثره فى إيلام جماعة المسلمين
(٣) أغدفت المرأة قناعها. أرسلته على وجهها ، وأغدف الليل : أرخى سدوله ، يعنى أن شبهة الطلب بدم عثمان شبهة ساترة للحق
(٤) زاح يزيح زيحا وزيحانا : بعد وذهب ، كانزاح. والنصاب : الأصل ، والمستقر ، أى : قد انقلع الباطل من مغرسه
(٥) الشغب ـ بالفتح ـ : تهييج الشر ، وفعله شغب ـ كفتح ـ وجاء الشغب بفتحتين فى لغة قليلة ، وفعله حينئذ شغب ـ بكسر الغين ـ مثل طرب طربا