أنبى للسّيوف عن الهام (١) والتووا فى أطراف الرّماح (٢) فإنّه أمور للأسنّة ، وغضّوا الأبصار فإنّه أربط للجأش ، وأسكن للقلوب ، وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل ، ورايتكم فلا تميلوها ، ولا تخلّوها ، ولا تجعلوها إلاّ بأيدى شجعانكم والمانعين الذّمار منكم (٣) فإنّ الصّابرين على نزول الحقائق (٤) ، هم الّذين يحفّون براياتهم ، ويكتنفونها : حفافيها ، ووراءها ، وأمامها ، لا يتأخّرون عنها فيسلموها ، ولا يتقدّمون عليها فيفردوها.
أجزأ امرؤ قرنه (٥) وآسى أخاه بنفسه ، ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه. وايم اللّه لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلموا من
__________________
بذلك لأن سورة الحرب تصادف الأول المتقدم
(١) «أنبى» من «نبا السيف» إذا وقفته الصلابة من موقعه فلم يقطع
(٢) إذا وصلت إليكم أطراف الرماح فانعطفوا وأميلوا جانبكم فتزلق ولا تنفذ فيكم أسنتها. «وأمور». أى : أشد فعلا للمور ، وهو الاضطراب الموجب للانزلاق وعدم النفوذ ، وإنما أمرهم بغض الأبصار فى الحرب لأن الغاض بصره فى الحرب أحرى ألا يدهش ولا يرتاع لهول ما ينظر. وإنما أمرهم باماتة الأصوات وإخفائها لأنه أطرد للفشل وأذهب للجبن والخوف ، كما قال ، وذلك لأن الجبان يرعد ويبرق والشجاع صامت لا يتكلم وإنما يفعل
(٣) الذمار ـ بالكسر ما يلزم الرجل حفظه وحمايته : من ماله ، وعرضه. أمرهم ألا يجعلوا رايتهم بيد الجبناء وذوى الهلع منهم لأن هؤلاء يخيمون ويجبنون فاذا فعلوا ذلك انهزم الجمع
(٤) جمع حاقة ، وهى النازلة الثابتة ، و «يحفون بالرايات» أى : يستديرون حولها ، ويكتنفونها : يحيطون بها. وحفافيها : جانبيها
(٥) «أجزأ» وما بعده : أفعال ماضية فى معنى الأمر ، أى : فليكف كل منكم قرنه ـ أى : كفؤه وخصمه ـ فيقتله ، وليواس أخاه ، آساه.