سيف الآخرة ، وأنتم لهاميم العرب (١) والسّنام الأعظم. إنّ فى الفرار موجدة اللّه (٢) والذّلّ اللاّزم ، والعار الباقى ، وإنّ الفارّ لغير مزيد فى عمره ، ولا محجوز بينه وبين يومه. الرّائح إلى اللّه كالظّمآن يرد الماء ، الجنّة تحت أطراف العوالى (٣) ، اليوم تبلى الأخيار (٤) ، واللّه لأنا أشوق إلى لقائهم منهم إلى ديارهم. اللّهمّ فإن ردّوا الحقّ فافضض جماعتهم ، وشتّت كلمتهم ، وأبسلهم بخطاياهم (٥) ، إنّهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك (٦)
__________________
يواسيه : قواه ، رباعى ثلاثيه «أسى البناء» إذا قوى ، ومنه الأسية للمحكم من البناء والدعامة ، ولا يترك خصمه إلى أخيه فيتجمع على أخيه خصمان فيغلبانه ثم ينقلبان عليه فيهلكانه
(١) لهاميم : جمع لهميم ـ بالكسر ـ الجواد السابق من الانسان والخيل ، وقيل : الواحد لهموم ، وقوله «والسنام الأعظم» يريد شرفهم وعلو أنسابهم ، لأن السنام أعلى أعضاء البعير ، فهو على طريق الاستعارة
(٢) موجدته : غضبه وسخطه. وقوله «والذل اللازم» يروى بالزاى وبالذال ، وهما بمعنى واحد ، تقول : لذمت المكان ولزمته ، بمعنى
(٣) العوالى : الرماح ، وهذا المعنى مأخوذ من قوله صلّى اللّه عليه وسلم «الجنة تحت ظلال السيوف» ويروى أن رجلا من الأنصار سمع النبى يقول ذلك يوم أحد ، وكان فى يده تميرات يأكلها ، فقال : بخ بخ ، ليس بينى وبين الجنة سوى هذه التميرات ، ثم قاتل حتى قتل
(٤) تبلى : تمتحن أخبار كل امرىء عما فى قلبه من دعوى الشجاعة والصدق فى الايمان فيتبين الصادق من الكاذب ، وهذا مأخوذ مما فى التنزيل : «وَنَبْلُوَا أَخْبٰارَكُمْ»
(٥) أبسله : أسلمه للهلكة ، فهو مبسل ، وقال اللّه تعالى : «أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ» .. «أُولٰئِكَ اَلَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمٰا كَسَبُوا» أى : أسلموا للهلاك لأجل ما اكتسبوه من الأثم. قال الشارح : وهذه الألفاظ كلها لا يتلو بعضها بعضا وإنما هى منتزعة من كلام طويل : انتزعها الرضى واطرح ما عداها
(٦) دراك ـ ككتاب ـ متتابع متوال ، يفتح فى أبدانهم أبوابا يمر منها النسيم