بالمعروف والنّهى عن المنكر لخلقان من خلق اللّه سبحانه ، وإنّهما لا يقرّبان من أجل ولا ينقصان من رزق ، وعليكم بكتاب اللّه فإنّه الحبل المتين ، والنّور المبين ، والشّفاء النّافع ، والرّىّ النّاقع (١) ، والعصمة للمتمسّك ، والنّجاة للمتعلّق لا يعوجّ فيقام ، ولا يزيع فيستعتب (٢) ، ولا تخلقه كثرة الرّدّ وولوج السّمع (٣). من قال به صدق ، ومن عمل به سبق ،
وقام إليه رجل وقال : أخبرنا عن الفتنة ، وهل سألت عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم؟ فقال عليه السّلام : لمّا أنزل اللّه سبحانه قوله : «الم أَحَسِبَ اَلنّٰاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّٰا وَهُمْ لاٰ يُفْتَنُونَ» علمت أنّ الفتنة لا تنزل بنا ورسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وآله ، بين أظهرنا ، فقلت : يا رسول اللّه ، ما هذه الفتنة الّتى أخبرك اللّه بها (٤)؟ فقال : «يا علىّ ، انّ
__________________
(١) نقع العطش : إذا أزاله
(٢) «يستعتب» من «عتب» إذا انصرف ، والسين والتاء للطلب ، أو زائدتان أى : لا يميل عن الحق فيصرف أو يطلب منه الانصراف عنه
(٣) أخلقه : ألبسه ثوبا خلقا ، أى : باليا ، وكثرة الرد : كثرة ترديده على الألسنة بالقراءة ، أى : إن القرآن دائما فى أثوابه الجدد ، رائق لنظر العقل ، وإن كثرت تلاوته ، لانطباقه على الأحوال المختلفة فى الأزمنة المتعددة ، وليس كسائر الكلام : كلما تكرر ابتذل ، وملته النفس
(٤) «فقلت : يا رسول اللّه ـ الخ» أشكل على الشارحين العطف بالفاء مع كون الآية مكية والسؤال كان بعد أحد وواقعته كانت بعد الهجرة ، وصعب عليهم التوفيق بين كلام الامام وبين ما أجمع عليه المفسرون من كون العنكبوت مكية