ولا يفنى مدده ، فلسنا نعلم كنه عظمتك ، إلاّ أنّا نعلم أنّك حىّ قيّوم لا تأخذك سنة ولا نوم ، لم ينته إليك نظر ، ولم يدركك بصر ، أدركت الأبصار ، وأحصيت الأعمار ، وأخذت بالنّواصى والأقدام ، وما الّذى نرى من خلقك ونعجب له من قدرتك ، ونصفه من عظيم سلطانك ، وما تغيّب عنّا منه ، وقصرت أبصارنا عنه ، وانتهت عقولنا دونه ، وحالت ستور الغيوب بيننا وبينه ، أعظم فمن فرّغ قلبه ، وأعمل فكره ، ليعلم كيف أقمت عرشك ، و [كيف] ذرأت خلقك (١) ، وكيف علّقت فى الهواء سمواتك ، وكيف مددت على مور الماء أرضك (٢) ، رجع طرفه حسيرا (٣) ، وعقله مبهورا ، وسمعه والها ، وفكره حائرا.
منها : يدّعى بزعمه أنّه يرجو اللّه! كذب والعظيم! ما باله لا يتبيّن رجاؤه فى عمله ، فكلّ من رجا عرف رجاؤه فى عمله ، إلاّ رجاء اللّه فإنّه مدخول (٤) ، وكلّ خوف محقّق ، إلاّ خوف اللّه فإنّه معلول : يرجو اللّه فى
__________________
(١) ذرأت : خلقت
(٢) المور ـ بالفتح ـ الموج
(٣) حسيرا : متعبا كليلا ، والمبهور : المغلوب ، والمنقطع نفسه من الأعياء ، والواله من الوله وهو ذهاب الشعور ، وحائرا ـ بالمهملة ـ أى : مضطربا. ويروى «جائرا» بالموحدة ـ أى : عادلا عن الصواب
(٤) المدخول : المغشوش غير الخالص ، أو هو المعيب الناقص لا يترتب عليه