مجتنيها ، ويطاف على نزّالها فى أفنية قصورها بالأعسال المصفّقة (١) والخمور المروّقة ، قوم لم تزل الكرامة تتمادى بهم حتّى حلّوا دار القرار (٢) وأمنوا نقلة الأسفار. فلو شغلت قلبك أيّها المستمع بالوصول إلى ما يهجم عليك من تلك المناظر المونقة (٣) لزهقت نفسك شوقا إليها ، ولتحمّلت من مجلسى هذا إلى مجاورة أهل القبور استعجالا بها ، جعلنا اللّه وإيّاكم ممّن سعى [بقلبه] إلى منازل الأبرار برحمته.
قال الشريف : تفسير بعض ما جاء فيها من الغريب «يؤر بملاقحة» الأر : كناية عن النكاح ، يقال : أر المرأة يؤرها ، أى :
نكحها ، وقوله «كأنه قلع دارى عنجه نوتيه» : القلع : شراع السفينة ، «ودارى» منسوب إلى دارين ، وهى بلدة على البحر يجلب منها الطيب. و «عنجه» أى : عطفه ، يقال : عنجت الناقة ـ كنصرت ـ أعنجها عنجا ، إذا عطفتها والنوتى : الملاح ، وقوله «ضفتى جفونه» أراد جانبى جفونه ، والضفتان : الجانبان ، وقوله «وفلذ الزبرجد» الفلذ : جمع فلذة ، وهى القطعة.
وقوله «كبائس اللؤلؤ الرطب» الكباسة. العذق (٤). والعساليج : الغصون واحدها عسلوج
__________________
(١) المصفاة ، ويقولون «صفق فلان الشراب» أى : حوله من إناء إلى آخر ليصفو ويذهب ما فيه من كدر. ومن كلامهم «لك عندى ود مصفق ، ونصح مروق»
(٢) قوله «قوم ـ الخ» أى : نزال الجنة قوم شأنهم ما ذكره
(٣) المونقة : المعجبة
(٤) العذق ـ بزنة حمل ـ للنخلة كالعنقود للعنب : مجموع الشماريخ وما قامت عليه من العرجون