أن لا يضطرب شبح ممّا أولج فيه الرّوح إلا وجعل الحمام موعده والفناء غايته (١)
منها فى صفة الجنة :
فلو رميت ببصر قلبك نحو ما يوصف لك منها لغرفت نفسك (٢) من بدائع ما أخرج إلى الدّنيا من شهواتها ولذّاتها وزخارف مناظرها ، ولذهلت بالفكر فى اصطفاق أشجار (٣) غيّبت عروقها فى كثبان المسك على سواحل أنهارها ، وفى تعليق كبائس اللّؤلؤ الرّطب فى عساليجها وأفنانها (٤) وطلوع تلك الثّمار مختلفة فى غلف أكمامها (٥) تحنى من غير تكلف (٦) فتأتى على منية
__________________
(١) وأى : وعد ، والحمام : الموت
(٢) «رميت ببصر قلبك» أى : أفكرت وتأملت تأمل مستبصر ، وتقول : غرفت الأبل ـ كفرح ـ إذا اشتكت بطونها من أكل الغرف ـ كفلس وجمل ـ وهو الثمام ، أى لكرهت بدائع الدنيا كما تكره الابل الثمام ، أو لتألمت نفسك من النظر والتناول لما تراه من بدائع الدنيا كما تألم بطون الابل من أكل الثمام ، ويروى «عزفت نفسك» بعين مهملة فزاى ـ ومعناه انصرفت أو ملت ، وبابه جلس
(٣) اصطفاق الأشجار : تضارب أوراقها بالنسيم بحيث يسمع لها صوت ، والكثبان : جمع كثيب ، وهو التل
(٤) العساليج : جمع عسلاج وعسلوج ـ بزنة قرطاس وعصفور ـ وهو ما اخضر ولان من قضبان الشجر ، أو أول ما ينبت. والأفنان : جمع فنن ـ بالتحريك ـ وهو الغصن.
(٥) غلف ـ بضمتين ـ جمع غلاف ـ بزنة كتاب ـ وهو الغشاء يغشى به الشىء كغلاف القارورة والسيف ، والأكمام جمع كم ـ بكسر الكاف ـ وهو وعاء الطلع وغطاء النور
(٦) تحنى : من «حناه حنوا» إذا عطفه