.................................................................................................
______________________________________________________
لمقتضى العقد المستوجبة للفساد والإفساد ، وأنّ هذا الحكم منهم صحيح وفي محلّه حسبما تقدّم (١).
وأمّا حكم هذه الصورة نفسها فقد أشرنا فيما سبق إلى أنّ الإجارة :
تارةً : تقع على أحدهما المردّد المبهم الذي لا تعيّن له حتى في صقع الواقع ونفس الأمر ، فيؤجّره على أحد الأمرين من الخياطة : إمّا جبّةً بدرهمين ، أو قباءً بدرهم واحد ، ولم يعلم به لا المؤجر ولا المستأجر ولا غيرهما ، إذ لا وجود ولا واقع له وإنّما هو مجرّد مفهوم محض ، ولا شكّ في البطلان حينئذٍ ، لا لأجل الجهالة ، إذ مقتضاها أنّ هناك واقعاً محفوظاً لا يدريان به ، وقد عرفت منعه ، بل لأجل أنّ ما لا واقع له لا يعقل أن يكون مورداً للتمليك والتملّك كما هو واضح.
وأُخرى : يفرض أنّ هناك إجارة منضمّة إلى إجارة ، لا أنّها إجارة واحدة واردة على العنوان المبهم ، بل إجارتان في عرض واحد ، غايته امتناع الجمع ، لما بينهما من التضاد والتزاحم ، فيستأجره لخياطة هذا القماش جبّة بدرهمين ، ولخياطته قباءً بدرهم ، فإنّه ليست في البين أيّة جهالة أو ترديد ، لمعلوميّة الأُجرتين كالعملين ، فلا يستند البطلان إلى ذلك ، بل إلى عدم القدرة على الجمع بعد فرض المزاحمة ، فلا يمكن الحكم بصحّتهما معاً ، وأحدهما معيّناً ترجيح بلا مرجّح ، ولا بعينه لا واقع له حسبما عرفت ، فلا مناص إذن من الحكم بالبطلان كما يطّرد هذا البرهان في كافّة موارد امتناع الجمع بين عقدين من أجل المزاحمة ، كما لو باع داره من زيد وباعها وكيله في نفس الوقت من عمرو ، أو زوّجت نفسها من شخص وزوّجها وكيلها في الوقت نفسه من شخص آخر ، وهكذا ، فإنّه يحكم بالبطلان في الجميع بمناط واحد.
__________________
(١) في ص ١٠٢.