.................................................................................................
______________________________________________________
الذي لا ماليّة له تمليكاً مجّانيّا وبلا عوض بلا تأمّل ولا إشكال ، فكذا يسوغ تمليكه مع العوض ، والأوّل يسمّى هبة والثاني بيعاً.
وهكذا الحال في الإجارة وغيرها من سائر المعاوضات ، فإنّ العبرة بمجرّد المملوكيّة ، ولا دليل على اعتبار الماليّة زائداً عليها.
وربّما يعلّل الفساد فيما لا ماليّة له بأنّها معاملة سفهيّة فيحكم بالبطلان لهذه الجهة وإن لم يكن البيع أو الإجارة بالمفهوم العرفي مقتضياً لاعتبار ماليّة العوض.
ويندفع : بعدم نهوض أيّ دليل على بطلان المعاملة السفهيّة ، كبيع ما يسوي عشرة آلاف بدينار واحد مثلاً أو إيجاره بدرهم سنويّاً ، وإنّما الثابت بطلان معاملة السفيه وأنّه محجور عن التصرّف إلّا بإذن الولي ، كما في المجنون والصبي ، لا بطلان المعاملة السفهائيّة وإن صدرت عن غير السفيه.
فإن قلت : أفلا يكشف صدور مثلها عن سفاهة فاعلها؟
قلت : كلّا ، فإنّ السفيه من لا يدرك الحسن والقبح ، ولا يميّز الأصلح ، لا من يدرك ويعقل كما هو المفروض في المقام ، وإلّا لحكم بالسفاهة على جميع الفسقة كما لا يخفى ، وهو كما ترى.
نعم ، لو تكرّر صدور مثل تلك المعاملة لا تصف فاعلها بالسفاهة ، أمّا المرّة أو المرّتان فلا يصحّ إطلاق السفيه عليه عرفاً بالضرورة. هذا أوّلاً.
وثانياً : سلّمنا بطلان المعاملة السفهائيّة ، إلّا أنّ ذلك لا يتمّ على الإطلاق ، إذ قد يكون هناك داعٍ عقلائي يخرج المعاملة عن السفاهة ، كما لو وجد ورقة عند أحد حاوية على خطّ والده وهو مشتاق إلى اقتنائه والمحافظة عليه ، وذلك الشخص لا يرضى ببيعها إلّا بأغلى الثمن ، مع أنّ الورقة ربّما لا تسوي فلساً واحداً ، أو احتاج في جوف الليل إلى عودة واحدة من الشخّاط لا سبيل إلى