.................................................................................................
______________________________________________________
الذهب وغيره ، أو جعله اجرة ، خارج عن حدود المعاملات الدارجة بين العقلاء ، وما هذا شأنه لا يكون مشمولاً لدليل النفوذ والإمضاء من وجوب الوفاء بالعقود وحلّيّة البيع ونحو ذلك ، فإنّ دعوى انصراف هذه الأدلّة عن مثل ذلك غير بعيدة كما لا يخفى.
وكيفما كان ، فإن تمّت هذه الدعوى والظاهر أنّها تامّة عمّ مناطها الإجارة ، إذ لا فرق بينها وبين البيع إلّا في كون أحد طرفي المعاوضة فيها هي المنفعة وقد تكون كليهما ، وهذا لا يستوجب فرقاً من الجهة المزبورة بالضرورة ، وإلّا فيكفينا الاتّفاق والتسالم على اعتبار هذا الشرط في الإجارة والبيع معاً ، المعتضد بما ورد في البيع من اعتبار الكيل والوزن بعد وضوح أنّه لا خصوصيّة لهما وإنّما اعتبرا بمناط رفع الجهالة والضرر.
ويمكن الاستدلال على ذلك في خصوص الإجارة بما رواه الشيخ بإسناده عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : سألته عن أرض يريد رجل أن يتقبّلها ، فأيّ وجوه القبالة أحل؟ «قال : يتقبّل الأرض من أربابها بشيء معلوم إلى سنين مسمّاة فيعمّر ويؤدّي الخراج» إلخ (١).
فإنّ قوله : «بشيء معلوم» قرينة على إرادة الإجارة من القبالة ، دون المزارعة ، إذ لا معلوميّة فيها ، وإنّما يكون تقبّل الأرض فيها بإزاء الكسر المشاع من النماء ، وقد دلّت على اعتبار معلوميّة المدّة كمعلوميّة الأُجرة ، فهي واضحة الدلالة على اعتبار العلم بهما في صحّة الإجارة.
وإنّما الكلام في السند ، والظاهر أنّه معتبر ، إذ ليس فيه من يغمز فيه عدا الراوي الأخير أعني : أبا الربيع الشامي حيث إنّه لم يوثّق في كتب الرجال ،
__________________
(١) الوسائل ١٩ : ٦٠ / كتاب المزارعة ب ١٨ ح ٥ ، التهذيب ٧ : ٢٠١ / ٨٨٧.