ولا يجوز له على فرض عدم الفسخ مطالبة الغير المتبرّع له بالعوض ، سواء أكان جاهلاً بالحال أو عالماً ، لأنّ المؤجر هو الذي أتلف المنفعة عليه دون ذلك الغير وإن كان ذلك الغير آمراً له بالعمل ، إلّا إذا فرض على وجه يتحقّق معه صدق الغرور (*) (١) ،
______________________________________________________
كان هو الآمر بالعمل له ، إذ المتلف إنّما هو الأجير نفسه ، فلا موجب لضمان غيره بعد أن كان موجبه منحصراً في الإتلاف أو التلف تحت اليد المضمونة غير الصادق شيء منها على المتبرّع له. وأمّا الأمر بالإتلاف فليس هو بنفسه من موجبات الضمان ، فلو أمر زيداً أن يتلف مال عمرو فأتلفه باختياره لم يكن الآمر ضامناً بلا إشكال.
نعم ، الأمر مع الاستيفاء فيما إذا كان المال للمتلف نفسه وإن استوجب الضمان بالسيرة العقلائيّة كما لو آمره بإتلاف مال نفسه بالإعطاء لأحد أو بالإلقاء في البحر لغايةٍ ما كالمحافظة على السفينة من الغرق ، إلّا أنّه خاصّ بما إذا لم يأمره بالإتلاف مجّاناً وبقصد التبرّع ، أمّا الأمر به بهذا العنوان كما لو أمر الخبّاز أن يدفع رغيفاً للفقير تبرّعاً وتصدّقاً فلا شبهة في عدم اقتضائه للضمان.
والمفروض في المقام أنّ الآمر أمر العامل بالعمل له تبرّعاً وبلا عوض ، ولم يقصد الأجير اجرةً من عمله المتبرّع فيه ، فلم يكن في البين أيّ موجب لضمانه.
(١) استثنى (قدس سره) من عدم ضمان الآمر المتبرّع له ما إذا كان غارّاً
__________________
(*) ليس للمستأجر الرجوع على الآمر حتى مع صدق الغرور ، فإنّ المغرور هو الأجير دون المستأجر والأجير أيضاً لا يرجع إليه إذا كان متبرّعاً بعمله كما هو المفروض. نعم ، إذا لم يكن متبرّعاً كما إذا غرّه الآمر وادّعى أنّ المستأجر قد أذن بالعمل له فعمل له كان للأجير أن يرجع إليه بأُجرة المثل.