.................................................................................................
______________________________________________________
فيتّجه عندئذٍ رجوع المستأجر إليه بقاعدة الغرور.
وفيه بعد الغضّ عن عدم تماميّة هذه القاعدة في حدّ نفسها ، وعدم أساس لها بقول مطلق وإن تداولت على ألسنة الفقهاء كما تقدّم البحث حولها قريباً (١) ، وبعد تصوير الغرور وتحقّقه في المقام كما ستعرف ـ : أنّ مقتضاها رجوع المغرور إلى الغارّ ، لا أنّ كلّ أحد تلف ماله يرجع إليه ، ومن المعلوم أنّ المغرور في المقام إنّما هو الأجير لا المستأجر ، فلا مقتضي لرجوعه إليه. فلو فرضنا أنّ زيداً غرّ عمرواً في إتلافه مال بكر فإنّ بكراً لا يرجع ابتداءً إلى زيد الغارّ ، وإنّما يرجع إلى المتلف وهو عمرو ، غايته أنّ عموراً يرجع بعدئذٍ إلى الغارّ بمقتضى قاعدة الغرور لو قلنا بها.
وعلى ذلك فلا موجب لرجوع المستأجر إلى الآمر بوجه لا من جهة الاستيفاء ولا من ناحية الغرور ، بل لو صحّ الرجوع فإنّما يتّجه بالإضافة إلى الأجير فحسب كما عرفت.
وأمّا تطبيق الغرور على المقام فيمكن تصويره بأحد وجهين :
أحدهما : فرضه على نحو لا ينافي اتّصاف الأجير بكونه متبرّعاً بقولٍ مطلق ، غير أنّ التلبّس بهذا الوصف كان مستنداً إلى الإغراء فكان مغروراً في تبرّعه ، كما لو قال له : تبرّع لي لعلي ارضي المالك بعد ذلك ، أو أنّه لا مانع من تبرّعك شرعاً وإن لم يكن المالك راضياً ، ونحو ذلك من التعابير الحاوية لحثّ الأجير وترغيبه في إقدامه على التبرّع وإلغائه احترام ماله ، أي ماله الطبيعي وإلّا فهو لغيره حسب الفرض.
وفي هذا الفرض لا نرى أيّ موجب لضمانه ورجوع المغرور إليه بعد أن لم يكن عمله محترماً بمقتضى إقدامه على التبرّع وعدم مطالبته بشيء.
__________________
(١) في ص ٢٥٦.