.................................................................................................
______________________________________________________
فهذه الأعيان المستجدّة وإن كانت مملوكة للمستأجر في هذه الموارد ، لكن ملكيّتها لم تنشأ في عقد الإيجار ليتنافى مع مفهوم الإجارة كما توهّم ، بل المنشأ ليس إلّا ملكيّة المنفعة فحسب ، وإنّما هذه تملك بتبع ملكيّة المنفعة. وعلى ذلك جرت السيرة العقلائية في أمثال هذه الإجارات ، بل أنّ إجارة البساتين بل مطلق الأراضي والدور لا تنفكّ عن ذلك ، لعدم خلوّها غالباً عن الآبار للزراعة أو الشرب سيّما في الأزمنة السابقة ، فيكون الماء المستقي منها مملوكاً للمستأجر مع أنّ الإجارة لم تتعلّق إلّا بالبئر أو الأرض ، والسرّ ما عرفت من تبعيّته للمنفعة في الملكيّة.
فالذي ينافي مفهوم الإجارة تعلّق التمليك بالعين ابتداءً ، وأمّا بتبع ملكيّة المنفعة فلا ضير ولا محذور فيه أبداً.
هذا ، وربّما (١) يفصّل في الصحّة في هذه الموارد بين ما كان من قبيل إجارة الشاة للحلب ، وبين إجارة الشجر لأجل الثمر ، فيلتزم بالصحّة في الأوّل دون الثاني ، نظراً إلى صدق التبعيّة في الأوّل لما يرتكبه المستأجر من عمليّة الحلب ، فتكون العين تابعة لانتفاع المستأجر بمثل الحلب أو النزح ونحوهما ، وأمّا في الثمر فليس ثمّة أيّ عمل من ناحية المستأجر وإنّما الشجر يثمر بنفسه.
ولكنّك خبير بصدق التبعيّة في كلا الموردين من غير إناطة بصدور عمل منه كما تقدّم من التمثيل بشبكة الصيّاد ، فلو استأجر الشبكة المعدّة للصيد وبعدئذٍ وقعت فيها سمكة من دون أيّ عمل من المستأجر ملكها بالتبع ، فالعين تابعة لملكيّة المنفعة لا للتصدّي للانتفاع.
وعلى الجملة : فكلّ من كان مالكاً لمنفعة الشبكة أو الشجرة ، أي قابليّتها
__________________
(١) كما عن المحقّق الأصفهاني في بحوث في الفقه (الإجارة) : ١٧٨ ـ ١٨١.