.................................................................................................
______________________________________________________
الأجير في باطن قلبه ، فلولا تقاة وخوفه من الله وإذعانه بيومي الحساب والعقاب لم ير نفسه ملزماً بالعمل ولكانت له المندوحة والمفرّ.
وعليه ، فالأمر الإجاري مؤكّد للواجب العبادي ، لا أنّه منافٍ له ، نظير نذر العبادة أو الحلف عليها ، حيث إنّ الوجوب التوصّلي الناشئ من قبل النذر أو الحلف يؤكّد وجوب العبادة لو كانت في نفسها واجبة ويحدث فيها صفة الوجوب لو كانت مستحبّة من دون شائبة للمنافاة بينهما بوجه.
نعم ، لتوهّم المنافاة مجال فيما إذا لوحظت الأُجرة على سبيل الجعالة لا الإجارة ، نظراً إلى عدم تملّك الجعل قبل العمل ، وبذلك افترق عن الأُجرة التي هي تملّك بنفس عقد الإجارة كما عرفت.
فمن ثمّ يمكن أن يقال كما قيل بأنّ الباعث على الإتيان بالعمل إنّما هو استحقاق الجعل واكتساب المال وهو مناف لكونه عبادة.
ولكنّه أيضاً بمراحل عن الواقع ، فإنّ الضميمة الملحوظة مع قصد الأمر قد تكون داعية إلى ذات العمل في عرض القصد المزبور ، كقصد التبريد في الوضوء بحيث ينبعث صبّ الماء عن داعٍ قربي وغيره على سبيل التشريك ، وهنا يحكم البطلان لو لم تكن إرادة التبريد تبعيّة.
وقد تكون داعية على العمل لا بما هو ، بل بوصف كونه عبادة ، فيأتي بذات العمل بداعٍ قربي من غير أن تشترك في هذه المرحلة وفي عرض هذه الدعوة دعوة اخرى ، ولكن الداعي على إتيان العمل بهذا الداعي شيء آخر وغاية أُخرى في طول الغاية الأُولى ، حيث إنّ كلّ فاعل مختار لدى تصدّيه لأيّ عمل اختياري حتى العبادي بوصفه العنواني لا بدّ وأن ينبعث عن غاية ومحرّك يدعوه نحو هذا العمل.
إمّا أُخرويّة ، كالخوف من الجحيم ، أو الطمع في النعيم اللذين لا تنفكّ العبادة