.................................................................................................
______________________________________________________
المراد بالثاني كما يفصح عنه مورد الحديث أعني : قصّة سمرة الذي أراد الإضرار بالأنصاري عدم جواز القيام مقام إضرار الغير الذي هو غير نفي الضرر كما لا يخفى.
الجهة الثانية : من يعمل عملاً يترتّب عليه ضرر الغير قهراً ومن دون قصد الإضرار به يتصوّر على قسمين :
أحدهما : أن يكون ذلك الضرر تلفاً في عين ماله أو في وصفه أو كيفيّته المستوجب طبعاً نقصاً في ماليّته ، كما لو ترتّب على حفر البئر أو البالوعة تضرّر الجار من نقص ماء بئره أو رطوبة سردابه ونحو ذلك.
وهذا أيضاً غير جائز ، لا لدليل نفي الضرر ، بل لدلالة النصوص الخاصّة ، التي منها المعتبرة الواردة فيمن جعل رحاه على نهر غيره بإذنه ، وبعدئذٍ أراد صاحب النهر تغيير مسيره الموجب طبعاً لسقوط الرحى عن حيّز الانتفاع ، فمنعه (عليه السلام) عن ذلك (١).
وما ورد في العيون والآبار من عدم جواز الحفر أخفض ممّا للجار بحيث يستوجب نقصان الماء أو نضوبه.
والظاهر عدم الفرق في المنع بين ما لو تضرّر من عدم الحفر أو لا ، إذ ليس مستنده حديث نفي الضرر ليدّعى تعارض الضررين ، بل المستند النصوص الشامل إطلاقها لكلتا الصورتين.
وربّما يتوهّم شمول الحديث للمقام ، نظراً إلى أنّ الإضرار بالجار وإن كان محرّماً في نفسه لكن الحرمة لمّا كانت ضرريّة فهي مرفوعة بالحديث.
وفيه ما لا يخفى ، لوضوح ورود الحديث في مقام الامتنان ، فلا يشمل ما إذا
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ٤٣١ / كتاب إحياء الموات ب ١٥ ح ١.