.................................................................................................
______________________________________________________
استلزم نفي الضرر عن أحدٍ إيراد الضرر على شخص آخر.
وبالجملة : لا مسرح لحديث لا ضرر في المقام ، ومقتضى إطلاق النصوص الخاصّة قصر السلطنة وعدم جواز التصرّف في ماله متى ما ترتّب عليه تضرّر الغير ، فلو تصرّف وترتّب الضرر كان ضامناً لما أتلف.
ثانيهما : أن يترتّب الضرر من غير أن يستوجب تلفاً في عين ماله أو نقصاً في وصفه أو كيفيّته ، كمن استورد مالاً للاتّجار أو بنى داراً للإيجار أو طبع كتاباً ففعل غيره مثله لا بقصد الإضرار وإن تضرّر من فعله بطبيعة الحال.
وهذا النوع من الإضرار لا دليل على حرمته ، فإنّ الروايات المشار إليها قاصرة الشمول له ، لاختصاص مواردها بالضرر المتضمّن لإيراد تلف أو نقص في العين ، فهي منصرفة عن الضرر من جهة أُخرى بلا نقص في نفس العين أصلاً كما لا يخفى ، ولا دليل آخر على حرمته.
الجهة الثالثة : مقتضى إطلاق حديث لا ضرر الحاكم على الأدلّة الأوّلية والموجب لاختصاصها بموارد عدم الضرر عدمُ الفرق بين الضرر الحاصل من باب الاتّفاق وبين ما لو كان المكلّف بنفسه هو السبب في تحقّقه ، كما لو شرب دواءً أو خرج باختياره إلى مكان بارد جدّاً بحيث يمرض لو توضّأ حينئذٍ أو اغتسل ، فإنّه لا سبيل إلى إلزامه بالطهارة المائيّة بزعم أنّه هو الذي أوقع نفسه في الضرر ، وإن ورد به نصّ في الغسل وأنّه إذا أجنب نفسه يغتسل وإن ترتّب عليه ما ترتّب.
وعلى الجملة : فأيّ حكم إلزامي تضمّن امتثاله الضرر ولو كان المكلّف هو السبب في ترتّبه فهو مرفوع في الشريعة المقدّسة بمقتضى إطلاق الحديث ، الذي هو كدليل نفي الحرج ناظرٌ إلى الأحكام التكليفيّة وحاكم عليها وموجب لارتفاع تلك الأحكام إذا ترتّب على امتثالها ضرر أو حرج.