.................................................................................................
______________________________________________________
وهذه الدعوى التي يطالَب المدّعى بإثباتها تتحقّق في أحد موردين :
أحدهما : من يلزم غيره بحقّ أو مال أو شبه ذلك من زوجيّة أو شرط ضمن عقد أو دين أو نحوها ، فإنّ العقلاء يرون أنّ المدّعى لهذه الأُمور هو المسئول عن الدليل وعهدة إثباتها عليه ، دون الطرف الآخر المنكر لها ، فإنّه غير ملزم بشيء فلا يطالب من يدّعى عليه الدين بإثبات عدم الاستدانة ، بل يطالب المدّعى بإثبات أصل الدين.
ثانيهما : دعوى من يعترف بالحقّ بأدائه والخروج عن عهدته وفراغ ذمّته عنه ، فإنّ العقلاء يلزمون هذا المعترف بإقامة الدليل لإثبات الأداء الذي ينكره خصمه ويرونه هو المدّعى في هذا النزاع وإن كان الضابط الذي ذكروه لتشخيصه من أنّه من لو تَرك تُرك منطبقاً على خصمه ، إذ لا أساس لهذه الضابطة ، ولا شكّ أنّ العقلاء لا يطالبون الخصم بالدليل وإنّما يطلبونه من المعترف فحسب كما عرفت.
فهذا هو الميزان والضابط العامّ لتشخيص المدّعى من المنكر ، وبقيّة ما ذكر من الوجوه لا أساس لها ، فأيّ من المتخاصمين طولب بإقامة الدليل وكان هو الملزم بالإثبات دون الطرف الآخر كان هو المدّعى وكان الآخر منكراً.
ومنه تعرف أنّه لو كان كلّ من الطرفين ملزماً بالإثبات لعدم ترجيح في البين ، كما لو ادّعى كلّ منهما مالاً تحت يد ثالث يعترف أنّه أمانة لم يعلم صاحبها ، خرج ذلك عن باب المدّعى والمنكر واندرج في باب التداعي ، فإن أقام أحدهما بيّنة وإلّا تحالفا.
فالتحالف من أحكام التداعي وإلزام كلّ منهما بالإثبات.
وأمّا لو أُلزم أحدهما فقط دون الآخر فلا معنى للتحالف.
ومن هنا يظهر أنّه لا موقع للتحالف في محلّ الكلام ، فإنّ مدّعي العارية